البابا شنودة والمرأة
بالطبع هو عنوان غريب لمقال ,
فكيف نتحدث عن علاقة راهب متعبد بالمرأة وخصوصا عندما نتحدث عن قداسه البابا شنودة الثالث الذي قضى فتره من حياته متوحدا ,
ولكي أذيل قلقكم أقول :
كان للمرأة دور كبير في تشكيل عقليه وذهن قداسه البابا ولنسير قليلا معا بالفكر والتحليل في هذه العلاقة ,
ولد نظير جيد ( البابا شنودة ) في إحدى قرى منفلوط بالصعيد وبعد فتره قليله من ولادته توفت أمه فتلقفته الأمهات بالقرية وارضعنه بديلا عن أمه وقد تولت إحدى السيدات المسلمات المحترمات من جيران أمه الراحلة إرضاعه أيضا محنه وشفقه عليه ,
وبعد فتره أخذه أخيه الأكبر روفائيل وزوجه أخيه وتولياه بالرعاية في مراحل عمره المختلفة وكان لهذا أثره في شخصيته ,
كان الطفل نظير جيد يتمتع بالذكاء الحاد والنظرة الثاقبة فهل تلك الذكريات منذ الرضاعة وحتى سنوات عمره أثناء البلوغ لم تترك أثرها عليه ؟؟؟؟
وهل كون أمه قد وهبته الحياة بينما هي قد فارقت الحياة لم يؤثر عليه وعلى فلسفته في الحياة عامه وفلسفته ناحية النساء خاصة ؟؟؟؟
وهل كون إحدى من أرضعنه صغيرا من السيدات المسلمات لم يترك داخله محبه فطريه تجاه إخوانه المسلمين عامه وإخوانه في الرضاعة خاصة ؟؟؟؟
وهل كون كل من تولوا رعايته من فتره إلى فتره من جيرانه النساء إلى زوجه أخيه لم يجعله يحمل في عنقه جميلا للنساء كافه ؟؟؟؟
وهل كل هذا جعل في تفكيره أن يكون سببا في الدفاع عن المرأة والتخفيف عنها وأن يكون دائما نصيرا لها ؟؟؟؟
هل تأثر البابا شنودة بموقف السيد المسيح له المجد حينما أحضروا له المرأة الزانية التي أمسكت في ذات الفعل وأرادوا رجمها وامسكوا بالحجارة ليقتلوها , فقال لهم :
من منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر
وحينما أخذ يكتب خطيئة كل واحد منهم على الأرض انصرفوا عنها خجلين من أنفسهم , وحينها قال للمرأة الذليلة :
هل أحد أدانك
فقالت المرأة : لا يا سيد
فقال لها :
ولا أنا دينك , اذهبي ولا تخطئي لئلا يكون لكي أشر
وفعلا ذهبت المرأة وتابت من ساعتها وصارت من القديسات ,فهل شكلت تلك القصة ركنا من شخصيه قداسه البابا ؟؟؟؟
أقولها وبكل ثقة , نعم إن كل ذلك قد أثر فى شخصيه قداسه البابا بالفعل وكان له أثر كبير في رهبنته وسياساته العامة والخاصة بعد ذلك . كيف ؟؟؟؟؟؟؟؟
فكون أمه قد وهبته الحياة بينما فارقت هي الحياة جعل مقام الأم في ذاكرته في درجه عليا فالأم بمشيئة الله هي واهبه الحياة ويجب تكريمها وتقديسها وكان من وجهه نظره أن لا يكون زوجا فيسعد امرأة واحده بل يترهبن ويترفع عن الجسديات ويكون مدافعا عن المرأة طوال حياته ونشعر بذلك فعليا في كتاباته وعظاته عن شريعة الزوجة الواحدة تلك الشريعة التي عانى في سبيلها الكثير والكثير في الدفاع عن الأم والزوجة والأسرة الواحدة مما جعل الكثيرين يعادونه ويقفون ضده ولكنه في كل ذلك كان يدافع عن أمه التي ماتت بعد أن أعطته الحياة وعن زوجه أخيه التي ربته وعن جارته ألمسلمه التي أرضعته ,
كان يدافع عن الأم لتحيى وتعيش ولا ترجم من أصحاب القلوب القاسية كما أراد اليهود أن يرجموا المرأة الزانية ولا يعطوها فرصه للتوبة ,
ونعم كانت رضاعته من إحدى جيرانه المسلمات له تأثير عليه فإن له أخوه مسلمين من الرضاعة وأخوه أيضا في الإنسانية وجاءت تعاليم المسيح بمحبه الجميع وحتى الأعداء لكي يكلل نظير جيد( البابا شنودة ) حبه للأخوة المسلمين بإطار ديني فمحبته للمسلمين فرض ووصيه من وصايا الإنجيل كان حريصا عليها أشد الحرص وكانت قراءته للشعر بدون حياد فقد قرأ لأحمد شوقى كما قرأ لحافظ إبراهيم وقد ترك ذلك أثره عليه كما حفظ الكثير من القرآن الكريم وكان متى تواجد في أي جلسه يستطيع صياغة خطاب خاص لكل جلسه ومجتمع مساير للكل لا يتصادم مع أحد بل يضم الجميع داخل بوتقة خطاب ديني محترم لا يتناطح ولا يتصادم مع احد بل يحظى بقبول الجميع ,
كل هذا يفسر لنا شخصيه البابا التي أحتار فيها البعض أثناء حياته فلم يستسلم للمظاهرات ضده ليبيح الزواج الثاني وكان هذا دفاعا عن المرأة وحقوقها وحقوق الأسره,
كما كان دفاعه عن إخوته المسلمين ورفض التدخل الخارجي دفاعا عن إخوته المسلمين وعن أمه ألمسلمه التي أرضعته , ومن مفارقات القدر أن تكون نياحه قداسه البابا شنودة يوم 17 مارس 2012 وبعدها بأربعة أيام يكون عيد الأم ,
أتمنى أن أكون قد وفقت في نقل صوره تحليليه لشخصيه قداسه البابا وأرجو أن يكون أصابني بعض التوفيق ,
وفى النهاية أدعو نياحا هادئا للبابا وأن يذكرنا جميعا أمام عرش النعمة .
د / وجيه رؤوف