السبت، 24 فبراير 2018

والدى ووالدتى واللقاء المرتقب . بقلم دكتور وجيه رؤوف



بعد أن كبرنا فى العمر وأصبح لنا ابناء ، يفكر منا منمن فقد والديه بعد وفاتهم ونرجع بذاكرتنا إلى معيشتنا معهم وكم كانت حياه سعيده .
أرجع بذاكرتى إلى الماضى حيث أول يوم للذهاب إلى المدرسه حينما كان والدى يهندم لى ملابسى المدرسيه الجديده بفرح ويصحبنى إلى المدرسه لكى يعرفنى باساتذتى ويضيع عنى رهبه الموقف الجديد .
وهكذا تمر بى الذاكره مع والدتى التى كانت دائما تشجعنى واخوتى على المذاكره والإجتهاد .
ولا انسى اياما بالطبع كانت تقضيها الأسره فى زيارات للعائله فى مختلف البلدان لكى تزيد الروابط الأسريه والمحبه العائليه .
تأتى إلى ذاكرتى دائما ميامر الملاك التى كانت تقوم بعملها كل اسره من عائلتى على فترات مختلفه ويتم فيها دعوه باقى العائله للصلاه والأكل والأحاديث الجميله فمره يكون الميمر عند عمى بركات ومره عند المقدس عدلى ومره عند المقدس شهيد ومره عند عمى وهبه ومره عندنا وهكذا .....
كانت حياه جميله وبسيطه ولم تكن السياسه تشغلنا ساعتها ، فلقد كان القانون والمحبه تحكم الجميع ولم يكن هناك فروق تلاحظ فى المعامله على اساس اقتصادى أو طائفى .
كنا نحسب أن وجود والدينا معنا فى الحياه هى من المسلمات وان الموت والوفاه يصيب الآخرين ولكن والدينا مستمرين معنا ولايمكن ان نفقدهم .
مرت الحياه وكبر والدى ووالدتى ولقد كان دائما والدى يقول : بعد أن نموت سوف تتذكروننا كثيرا . 
وكنت اضحك من تلك الفكره فكيف نفقدهم وهم جزء من روحنا .
ولكن صدق والدى فبعد وفاه أبى وأمى لا يمر يوم دون ان نتذكرهما ، تاره بالمواقف وتاره بالأحاديث وتاره حينما اتذكر الوجبات والأكلات الجميله ولطالما كنت أقول أنه لا يوجد فى الأكل والطبيخ ما ينافس طبيخ والدتى .
وهكذا ايضا لا أنسى ابدا دور والدى وهو يقوم بإصلاح المشاكل بين العائلات والأفراد فلقد كان جميع من يعرفه يثق به وبرأيه وكان ينال إحترام الجميع من البسطاء وحتى عليه القوم.
ولكنى أرجع دائما لنفسى وأقول : آه لو طال بهم العمر واستمروا معنا ، آه لو تمكنا من قضاء وقت أطول معهم ، آه لو تمكنا أعطائهم جزء من السعاده الكبيره والمحبه التى منحونا إياها .
آه وآه وآه وكثيرا من الآهات التى اصبحت متأخره جدا بعد أن أخذتنا الحياه بمعاناتها ومشاكلها ومسئولياتها .
ولكن بعد أن طوى الزمن تلك الصفحه الحقيقيه من الواقع يأتى ابائنا دائما لزيارتنا فى الأحلام وهم دائما يأتون فى ابهى صوره لهم قبل أن يتمكن العمر والزمن منهم ، يأتوننا دائما ضاحكين مبتسمين ليدبو الأمل والسعاده فى قلوبنا من جديد .
يالها من سعاده تلك التى يمنحها لنا آبائنا وهم أحياء ، كما أنهم لا يتوانوا أن يعطوها لنا بعد مماتهم ،
ياله من عطاء جميل لا ينضب ابدا.
ومن توالى الأفكار فى هؤلاء الغائبين الحاضرين دائما ، أسرح واتخيل اليوم المرتقب عندما نلتقى بهم ثانيه ،
نعم سألتقى ثانيه مع ابى وامى وخلانى واعمامى وعماتى ومع كل من احببت ،
نعم سيكون هناك لقاء ثانيا وسعاده ثانيه لا تتوقف على الوقت والمكان ،
نعم سنجتمع معهم فى حضره بهيه وسعاده لا متناهيه فى وجود مانح البهجه الأبديه وخالقها .
ابائنا وامهاتنا واهلنا الذين سبقونا إلى المكان المعد لهم ، نتمنى ان نكون بالقدر الكافى الذى يسمح لنا بالقرب منكم ، فنحن نعلم اين تكونوا وكم كنتم محببين إلى قلب الرب . 
أحبائى :
ليحفظ الله جميعكم وليحفظ الله لكم ابائكم وامهاتكم إن كانوا على قيد الحياه وليرحم الرب جميع من رحلو ، أمين.
د / وجيه رؤوف