كان فرانس يعيش فى بلد ساحليه وقد وهبه الله وسامه وشياكه يحسده عليها الكثيرون ، خصوصا وقد كان الى جانب وسامته ثريا من عائله غنيه .
عاش فرانس حياته مستمتعا بكل مافيها ولم يحرم نفسه من شئ وبعد تخرجه وعمله رزقه الله بولدين من زوجه صالحه .
عاش فرانس حياته مستمتعا بزوجه جميله وولدين جميلين ، وبعد فتره اصيب الولد الأكبر بمرض خطير جدا اقعده فى الفراش .
تحولت حياه فرانس وزوجته بعد ذلك إلى المزيد من الألم والحزن على ابنهما المريض وبذلا كل ما فى وسعهم من مجهود من اجل علاجه وتم عرضه على كبار الأطباء ولكن للأسف ليس هناك أمل .
إتجه فرانس بعد ذلك إلى الكنائس والأديره يصلى بلجاجه وبدموع إلى الله ان يشفى ابنه ، ولكن لم تأتى صلاته بنتيجه .
لم ييأس فرانس ابدا وكان عنده أمل فى شفاء ابنه حتى انه اتجه إلى الكثيرين من اقرباءه واصدقاءه يستعطفهم للصلاه من أجل ابنه ، فربما يستجيب الله لدعواتهم وطلباتهم .
مرت السنوات طويله على فرانس وهو ينتظر شفاء ابنه أو أن تتحقق المعجزه ويقوم ابنه بالسلامه .
مع مرور الزمن والأبن قعيد الفراش تحول طعم الحياه عند فرانس الى العلقم واصبح سريع الغضب واصبح هناك فى داخله شبه عتاب الى الله فكيف لا يتم شفاء ابنه .
حاول فرانس التغلب كثيرا على هذه المشكله بان يحاول قدر طاقته التماسك وخصوصا ان ابنه القعيد كان شاكرا راضيا لا يظهر إى امتعاض وكان متحملا لمرضه رغم صعوبته ، ولكن كانت اعصاب فرانس تفقد حينما يرى ان الكثيرين من المرضى يستجيب الله لهم ويشفيهم ، ولكن فى حاله ابنه لم يحدث هذا.
توترت حاله فرانس ويوما ما جلس فى غرفته منفردا باكيا مخاطبا الله بلجاجه وبصراخ معاتبا له متسائلا هل الله غير موجود ومافائده الحياه اذا كان الله غير موجود؟
وبعد ان بكى وملئ بالدموع فراشه واذا بغتته يدخل نور قوى الى غرفته ويسمع صوت قادما من ذلك النور قائلا : فرانس ، تعالى معى.
وجد فرانس ان قوه تاخذه من فراشه فى اتجاه رجل طويل ذو شعر طويل عيونه متسعه ووجهه بشوش والنور يشع من كل جسده النورانى .
علم فرانس ساعتها أن ذلك هو المسيح له المجد قد اتى لشفاء ابنه ، فسأل فرانس السيد المسيح له المجد :
هل اتيت لتشفى إبنى يا يسوع؟
فرد عليه رب المجد : انت لا تعلم الوقت ولا الساعه التى تتحقق فيها مشيئتى، ولكنى سأريك شيئا يطمئك .
فسأله فرانس : ماذا سترينى ، أنا لا يهمنى سوى شفاء إبنى وقره عينى .
قال له رب المجد : سأريك مسارين ، الأول هو مصيرك ومصير ابنك القعيد واخيه لو لم تتم اصابه ابنك الأكبر ، و الثانى مصير جميعكم بعد إصابه ابنك الأكبر .
اخذ رب المجد فرانس من يده وعرض عليه فى شكل شبه شاشه سينمائيه صوره ابنه الأكبر بعد ان كبر ودخل فى مرحله المراهقه ثم تم التغرير به من قبل بعض الشباب المنحرف ثم انزلاقه فى العلاقات الجنسيه التى دمرت حياته ثم إتجاهه للإدمان وانفاق امواله على المخدرات ثم ضربه لأبيه ولوالدته من اجل الحصول على اموال لشراء المخدرات ثم إدمان أخيه ايضا للمخدرات ثم قتله لأخيه أثناء نوبه صراع على احدى الفتيات ثم اتجاه فرانس وزوجته للإلحاد ، فى النهايه اراه مصيره المزمع للذهاب إليه هو واسرته لو سارو فى هذا الطريق ونهايته الجحيم والبحيره المتقده بالنار والكبريت .
حزن فرانس حزنا شديدا لما رآه أمامه من هذه المسيره الصعبه والمصير الأخير .
وهنا ابتسم رب المجد وقال لفرانس : لا تحزن ، تعالى والقى نظره هاهنا ،
وإذا بفرانس يرى مكانا بديعا بالفردوس ويرى جو ممتلئ بالبهجه ويرى الملائكه تسبح بصوت عذب ومن بعيد رأى فرانس نفسه جالسا مع والده ووالدته وابناءه وزوجته وسط احباءه وجموع القديسين سعداء بالفردوس.
هنا هلل وجه فرانس وقال للرب : هل هذ انا واسرتى وعائلتى بالفردوس .
فقال له رب المجد : نعم .
فقال فرانس : هل لى ان اذهب معهم الآن فإن الجو هنا جميل جدا.
فقال له رب المجد : ليس الآن ، لأنك لا تستطيع ان تعرف لا الوقت ولا الساعه ، ولكن يكفيك ان تعلم أن ماحدث لإبنك هوثمن دخوله ودخولك ودخول اسرتك الفردوس ، فلولا ماحدث فقد كان مصير الأسره جميعها الهلاك ، فان ماحدث لإبنك دفعك وزوجتك وابناءك للصلاه للتقرب من الرب وحمى ابناءك من لذه جسديه فى عالم فانى إلى حياه ابديه سعيده مع الله .
ابتسم فرانس قائلا : فعلا ، لا احد يعلم احكام الله ، لأن الله لا يشاء موت الخاطى مثلما يرجع ويحيا ، ولكن هل ستشفى ابى ؟
هنا قال له الرب : يكفيك ماعلمت ، والآن عليك العوده إلى بيتك واسرتك فهم يحتاجون إلى عنايتك وابتسامتك فى وجههم ، إلى اللقاء.
عاد فرانس خلال نفس دفقه النور من السماء إلى الأرض ، وما أن لمست قدماه ارض غرفته ، حتى ذهب مسرعا محتضنا ابنه القعيد مقبلا له : قائلا ، لا تحزن يا حبيبى وقره عينى ، فإنك وجميعنا فى قلب المسيح ومعاناتنا هنا على الأرض إلى حين ، وسوف نكون جميعنا مع احباءنا يوما بالفردوس حيث لا عين رأت ولا أذن سمعت .
أمين
عندما سألت
قالوا.... مات الخير
وانتهى من زمان!!!
والفقير ياولداه هيفضل
طول عمره تعبان!!!
قولت اللی فی جراب
الحاوی.. هیظهر... ویبان!!!
قالوا... الحقوق ماتت...
هتبقی علی الغلبان
دا قطر السعاده علیه
عدی خلاه حزین تعبان
اَه یا زمن علینا اَسیت
ونسیت أن السیاسه
تعبان
وکل اللی مشی وراها
یاقالوا علیه خاین یا راح فی
طی النسیان
یامات موته غامضه وقابلنی
لو حقه بان
قولت أسأل ع الانسان
فی زمن کله طغیان
قالوا وجیه یعقوب صوت
الغلبان رجل المیدات
الرافق بالحیوان
القائد ف المیدان
صوت الحق ...لما
غطت الرووس الرمل
زی النعام
لا عنده فرق
بین جرس ولا آذان
ولا عمره بالباطل
بات.......... مدان
صوته یاما زعزع کراسی
وعیشهم فی غلیان
ف التحریر صوته رج المیدان
فی محمد محمود صورته تبان
فی ماسبیرو نادي بحق شهداء
سبقوه واتمنی بین الشهدا
اسمه یبان
طالب بحقوق شهدا الکشح
زمان
وف الاتحادیه اتحدی الاخوان
عاش اسد وعمره ما کان
جبان
بیه اتغدر وبقی فی طی
النسیان...
الأسد أسد رغم غدر
الضبعان
الظلم زاد ومال المیزان
قالوا هتتعدل کفته مال
أکتر ما کان
دم وراح غدر والله یکون
ف عون الغلبان
قالوا ایه املک قولت
أملی أکون أنسان
كلماتي أندرو فرج
عاشق نيلها
11/7/2018
ريتا والذئب الأزرق
كنت أنا وفريق عملى نعمل دائما فى أماكن الأوبئه والأمراض الفجائيه التى تصيب البعض ، وكان نطاق عملنا هو محاوله علاج الحالات المكتشفه وأيضا البحث عن مصادر الأمراض وكيفيه علاجها وإن أمكن طرق علاجها .
كان فريقنا الطبى المكون منى ومن خمسه أطباء وحوالى اثنى عشره من فريق التمريض المكون من سبعه رجال وخمسه نساء بالإضافه إلى فريق من الكشافه أو الحرس بجانب طاقم من الطباخين وعملاء النظافه .
كنا نعمل دائما داخل خيام متنقله ولكنها مجهزه بكل شئ من إمكانيات الحياه بالإضافه إلى مولد كهربائى وتنكات للمياه المتنقله ، وكان طاقم الكشافه مزود أيضا بأسلحه خاصه للحراسه والحمايه وكنت أستحوز أنا على بندقيه اخترعت خصيصا لإطلاق الرصاصات المخدره التى تشل الحركه ولكن لا تقتل.
كنا نتحرك دائما من خلال ثمان عربيات جيب ذات الدفع الرباعى للسير بنا فى الأماكن الوعره .
كانت معنا دائما فى العمل إحدى الممرضات الذكيات وتدعى ريتا .
كانت هذه الفتاه جميله ذات قوام ممشوق وشعر أشقر وقامه طويله كانت تضيف إليها جمالا فوق جمالها وخصوصا مع بشرتها الشقراء وابتسامتها الجميله .
كانت ريتا محط إهتمام الجميع وكانت ايضا مثيره لغيره زملائها من الممرضات لجمالها ولكن كانت أحيانا تطل من عينيها نظره ألم وحزن ، فقد كانت ريتا منفصله عن زوجها بعد أن أنجبت منه طفله جميله عمرها اربعه سنوات .
تركت ريتا إبنتها مع والدتها والقت نفسها فى هموم العمل والذى يتنقل من مكان إلى مكان حيث أن هذا العمل ليس له وقت محدد ولا مكان محدد فهو كما تأتى الأوامر من اللجنه العليا لمكافحه الأوبئه .
كثيرا ماكانت ريتا فى أوقات الفراغ ما تأتى إلى لتحكى لى عن مأساتها مع زوجها السابق ، الذى كان لايهتم إلا بنفسه ولا يقدر إحتياجاتها النفسيه والعاطفيه ، وكنت دائما أخفف عنها بالنصح والإرشاد والإشاده بذكائها وفطنتها وسرعه بديهتها .
وصلنا إلى مكان العمل الجديد وشددنا خيامنا واصبحنا مؤهلين للعمل ، وإذ نحن فى هدوء هجم علينا أحد الناس صارخا هائجا وهدومه وملابسه ملوثه بالدماء وكان يحاول أن يعض بأسنانه طاقم العمل معنا .
أخرج طاقم الكشافه سلاحه واطلق النار فى الهواء واطلقت انا رصاصه مخدر من بندقيتى على هذا الإنسان المستوحش فأرديته أرضا وسرعان ماذهب فى غيبوبه تخدير عميقه .
بعدها فاق هذا المستوحش وهو مكبلا بقيود حديديه فى سريره وبدأ هادئا نوعا ما .
فى ذات الوقت جاءنا عمده هذه البلده فى عربته الخاصه وبعد أن ترجل منها ودخل إلى خيمتنا وبادرنا جميعا بالتحيه ، قال لى :
هذه عاشر حاله تحدث فى بلدتنا ، ولا نعرف سبيلا لهذا المرض ، ولا كيفيه لعلاجه ، بدايه الحال ، كان هناك قوم من الغجرالغرباء الذين أتو إلى بلدنا ولا نعرف من أين أتوا ، ولكن إنتقلت الحاله من أحد أفراد الغجر إلى بعض أبنائنا وبناتنا ومن يصاب بهذه الحاله يقوم بمهاجمه الناس ومص دمائهم ، وبعد أن يمص دمائهم ، يموت بعض الضحايا ومن لايموت يتحول مثلهم .
رددت على العمده : لقد أمسكنا بأحدهم اليوم وهو تحت السيطره تماما حيث أنه مقيد ، ولسوف نقوم بإجراءات بحوثنا لنستكشف المرض ، هو هادئ الآن تماما .
رد العمده : هو هادئ الآن لأنه قد أشرقت الشمس فلسوف يصير هادئا ويتحدث بهدوء ، فهم فى حياتهم العاديه هادئون ولكنهم يفعلون كل البغايا ولايوجد لديهم حرام وكل مايريدونه يأخذوه ويسرقوه ويمارسون الجنس والشذوذ مع العديد من النساء والأطفال بدون قانون ويتكاثرون بفجاجه وهم يفخرون بذلك ولكنهم يتحولون لوحوش بالليل ، وقوتهم ووحشيتهم تأتى بعد غروب الشمس .
قلت للعمده : هذه ملحوظه جديره بالإهتمام ولسوف اضعها فى تقريرى فهى ستفيد فى تشخيصنا للمرض ، هل نطلق سراحه فى فتره النهار ؟
قال العمده بسرعه : لا أرجوك ، فهؤلاء بعد فتره من القتل والتوحش تنتابهم حاله فيلقون بأنفسهم من أعلى جبل فى البلده ويلقون مصرعهم فى الحال .
فسألت العمده مستغربا : اشمعنى بعد القتل وليس قبله ؟
فرد على قائلا : لا نعلم ، فكل منهم بعد أن يهاجم الناس ويقتلهم يرتدى أجمل ماعنده من ملابس ويخرج فى أبهى صوره مغنيا حتى يصل إلى قمه الجبل ثم يصرخ عاليا ويلقى نفسه من فوق الجبل حتى يلقى حتفه .
شكرت العمده على تلك المعلومات ، ثم ذهبت للكشف على هذا المستوحش ، فوجدته هادئا مبتسما ، فتحدثت معه وبدا هادئا جدا .
سألته : كيف حالك ؟
قال لى : بخير ، وأفضل منك .
أستغربت على إجابته وخصوصا أنه حدثنى بهدوء وبلغه الواثق من نفسه .
قلت له : أفضل منى ! أتمنى ذلك ولكن كيف ؟
قال لى : أفضل منك علما وخلقا وحالا .
فقلت له مستغربا : أفضل علما منى كيف ؟ فأنا طبيب وانت يبدو أنك لم تحصل على أى شهادات ! كما أنك تقول إنك أفضل منى خلقا ، فهل الإنسان الخلوق يتحدث يهذه الطريقه ؟ وتقول إنك أفضل منى حالا ! كيف وأنت الآن مريض مكبلا بالقيود وسينتهى بك الحال كغيرك وتلقى بنفسك من أعلى الجبل وتصير من عداد الهالكين ؟
فقال لى المستوحش : أنت وقومك وكل هؤلاء من الهالكين ، أنا أفضل منكم علما فأنا أعلم مالا تعلمون ، كما أننى أفضل منكم خلقا لأننا نظن ذلك وفوق ذلك أفضل منكم حالا ، فنعم نحن نلقى بأنفسنا من أعلى الجبال ولكن تأتى الملائكه لتحملنا إلى العز ونعيمه وإلى مشتهى مايتمناه الإنسان ، إنه ما لا تعلمون أيها الجهلاء .
تركت المستوحش بعد أن أخذت عينه من دمه وأعطيتها لريتا كى يقوم زميلى بتحليلها . وقدمنا للمستوحش طعاما غذائيا يخلوا من البروتين الحيوانى لكى يصير هادئا وتقل نزعته الدمويه .
جائتنى ريتا بنتيجه التحليل بعد فتره ووجدت كل مكوناته طبيعيه تماما ولا يوجد شئ غريب أو مريب .
بالليل جائتنى ريتا مناديه بصوت عال لكى استيقظ وآتى بسرعه .
قمت سريعا والتقط بندقيتى وخرجت وانا فى طريقى سمعت عواءا عاليا مثل عواء الذئب ودخلت إلى خيمه المستوحش لكى أجده هائجا وسواد عينيه متحولا إلى اللون الأبيض كما أن لون جسده قد تحول إلى الزرقه ، وكانت اسنانه تعض فى شفتاه مما جعل قطرات الدم تقطر من شفتيه .
أضأت النور بقوه ، ثم ضربت نور كشاف قوى تجاه عينيه ، مما جعله يصرخ عاليا وينصرع ساقطا فى سريره وتدريجيا بات يهدئ ثم تحول لونه إلى اللون العادى وبدا لون بشرته يعود إلى اللون الطبيعى .
بدأت عملى مبكرا ثانى يوم واعطيت المستوحش حقنه مخدره فى ظهره ثم أخذت عينه من سائل النخاع الشوكى بالعمود الفقرى وارسلتها مع ريتا للتحليل .
جلسنا أنا وريتا فى إنتظار نتيجه التحليل من الدكتور ماجد واثناء ذلك عبرت لى ريتا عن حزنها على هذا الشاب وخصوصا إنه شاب لطيف جدا حينما يكون هادئا أثناء النهار.
رددت على ريتا قائلا : إحذرى ياريتا ، فوراء معسول الكلام من هذا الشاب ذئب بشرى قاتل ، لقد أبلغنى أهل البلده أنه قام بقتل خمسه شباب وأربعه أطفال ، فلا تنخدعى بمعسول كلامه فهو ذئب فى هيئه إنسان .
ردت على ريتا قائله : ولكنه لطيف فى حالته العاديه .
فقلت لها : ولكننا لا نعلم إلى متى يدوم هذا اللطف ، فأنتى ترين حقيقته فى المساء .
جائنا الدكتور ماجد مسرعا قائلا لى : لقد وجدت شيئا غريبا فى تحليل سائل النخاع الشوكى !
فقلت له : ماذا وجدت ؟ ميكروب أم ماده سامه أم ماذا ؟
قال لى : إنه أشبه بجين أو شفره تسبح داخل المخ وتثبت معلومات بعينها أو إيدلوجيات بعينها .
فقلت له : هل نستطيع عمل فلتره للسائل النخاعى لتنقيته من هذا الجين ، حتى نعيد المخ لعمليه التفكير الطبيعيه ،وتحريره من عمليه التثبيت والتخدير على أيدلوجيه تفكير واحده ، تلك التى يسببها هذا الجين أو تلك الشفره ؟
رد عليا دكتور ماجد قائلا : هذه عمليه صعبه جدا يادكتور فهذا الجين ينقسم ثنائيا بمتتاليه عدديه ، وحينما يمتلئ السائل النخاعى بهذا الجين ، يلقى المريض بنفسه من أعلى جبل متخيلا أنه يطير مع الملائكه .
قلت للدكتور ماجد : لنحاول يادكتور ماجد ، يكفينا شرف المحاوله ، ومع تخفيفنا لشده هذا الجين من الممكن أن ننجح فى شفاء أو على الأقل تخفيف الحاله .
قال الدكتور ماجد : لنحاول .
قلت له : توكلنا على الله
ارسلنا فى طلب جهاز لعمل غسيل وفلتره لسائل نخاعى المخ وارسلته لنا الهيئه خلال اربعه وعشرين ساعه ، وقررنا أن نبدأ بعمليه الغسيل ثانى يوم .
فى المساء سمعنا صوت صراخ عالى ، واخذت بندقيتى وكشاف الأضاءه الخاص بى ، ووجدت أمامى سيده متوحشه زرقاء اللون وعيناها بيضاء والدم يقطر من شفتاها تحاول الفتك بكل من بطريقها .
اطلقت رصاصه مخدره من بندقيتى تجاه السيده الغارقه فى الدماء وإذ بى أوجه اضاءه الكشاف فى وجه السيده لكى أجد المفاجأه التى ألجمت لسانى :
يا إلهى إنها ريتا ، لقد إستغل الذئب وحشه وحدتها واستوطنها .
د / وجيه رؤوف
فى بيتنا جن
كان اليوم يميل إلى الغروب عندما أخذنى أحد السماسره فى أوروبا ليرينى بيت حسب المواصفات التى اريدها ، فلقد أرانى الكثير من الشقق فى عمائر ضخمه ، ولكنى كنت أفضل دائما الخصوصيه ، فلدى اربعه أطفال وهم كثيرو الحركه كثيروا الضجه ، والمعلوم إنه فى بلاد أوروبا من الممكن ان يطلب لك الجار البوليس إذا صدر من شقتك صوت عالى بعد الساعه العاشره مساء وهى الساعه التى يخلد فيها معظم الأوروبيين للنوم ، لذلك فقد قلت فى داخل نفسى من الأفضل إيجار بيت مستقل حتى ان تسبب اطفالى بأى إزعاج فلن يتضرر منهم الجيران .
المهم فى النهايه أرانى السمسار هذا البيت القديم ذو البناء من سنه 1900 والذى تم تجديده وتطويره حديثا ليناسب التكنولوجيا العصريه فبدلا من الشبابيك الخشب تم تركيب شبابيك حديثه الوميتال ذو زجاج مصفح وعازل للصوت ، كما تم تغيير اجهزه التدفئه القديمه التى تعمل بالخشب بأجهزه حديثه تعمل بالغاز الطبيعى بالإضافه إلى إعاده تمحيره و دهانه حديثا .
اعجبنى البيت كثيرا خصوصا وانه يحتوى على جنينه خاصه وأيضا جاراج لسيارتى واكثر ما أعجبنى هو وجود بيت خاص فى مدخل منزلى ببير السلم وهو ما سيريح كلبى الحبيب الضخم ريكس بالإضافه إلى وجود بدروم كبير بالدور الأسفل مكون من عده غرف متصله بعضها ببعض بما يشبه السراديب وهى ممرات ضيقه .
كان السكن بالبيت بالدور الثانى الذى اجريت به كل التطويرات ولكن الدور السفلى الذى يشمل الجاراج والبدروم كان على حالته القديمه والمهيبه .
المهم أعجبنى البيت فهو يشمل سته غرف وبه متسع لأولادى فى المعيشه وأنا بطبيعتى احب البراح واحب المنازل ذات الجنائن .
فرح أطفالى جدا بالبيت فهو واسع يطل على اكثر من جهه وسعدت زوجتى بالبيت خصوصا وانه يحوى مطبخا كبير كما كانت تحب .
الشئ الذى كان يثير فضيلتى أحيانا هو أن ريكس كان دائما هادئا يلعب مع اطفالى اثناء النهار ولكن عند الليل كان يتهرب من النوم فى مسكنه الخشبى ، وكثيرا ماكان يأتى ليلا ينبش بأصابعه فى باب شقتى ، وحين كنت افتح له كان يندفع سريعا فى حضنى وبعد ذلك يجرى قابعا أسفل سريرى .
لم أكن متعودا ذلك السلوك من ريكس ، فهو دائما مطيع للأوامر ، ولكننى فضلت الصبر لكى اجد تفسيرا لهذا فربما يكون فى بيته الخشبى بعض المواد المثيره للحكه أو المهيجه أو ماشابه .
تكرر الأمر كثيرا حتى اصبح اعتياديا لريكس ان ينام معنا داخل الشقه .
بعدها قمت بتنظيف بيت ركس ورشه بالمبيدات حتى يتطهر على أمل أن يعود ريكس لبيته الهادى ويحل عن سمايا ، ولكن كل الوسائل باءت بالفشل .
صبرت على ريكس وعلى الحال فقد كان ريكس كلبا قويا مخلصا وله مواقف حياتيه جميله .
فى يوم كنا نقوم بعمل عيد ميلاد لأحد ابنائى وكان عيد الميلاد الساعه الثالثه عصرا حتى ينصرف اصحاب ابنى فى تمام السادسه حيث ان جميع الأطفال فى أوروبا يناموا فى الساعه الثامنه مساء تقريبا .
المهم كان البيت مزينا بزينه كثيره ومن ضمن الزينات كانت هناك البالونات المنفوخه .
المهم انصرف الضيوف وانقضى اليوم وفى الساعه الثانيه عشر مساءا كنت أنا المستيقظ الوحيد بالمنزل ، وبطبيعتى فأنا أقضى معظم الوقت بغرفه منفرده لمطالعه بعض الكتب أو متصفحا للشبكه العنكبوتيه .
المهم وانا فى هذه الحاله وانا أقرأ بأحد الكتب الطبيه الضخمه واذا بأحد البالونات المطلقه ترتفع من أرض الغرفه إلى سقفها وتنخفض من سقفها إلى أرضها .
كل هذا كان بالنسبه لى طبيعيا ، فإذا كانت منفوخه بالهليوم فطبيعى أن ترتفع لأعلى واذا قلت نسبه الهليون فلسوف تنخفض لأسفل وأعتبرتها حركه طبيعيه لا داعى للتعليق عليها بل وقمت بأخذ صوره لها وهى بالأسفل وايضا وهى بالأعلى .
أعجبتنى اللعبه فأنا أحب التصوير وبعد أن أخذت عده لقطات عدت للقراءه فى الكتاب الضخم الذى اشتريته حديثا ، ولكن بعد عده دقائق وكانت الساعه قد بلغت الواحده صباحا وجدت البالونه تتحرك عرضيا أى بالعرض أى من الشمال إلى اليمين ومن اليمين للشمال وليس من أعلى إلى أسفل أو من أسفل إلى أعلى فقلت فى نفسى ربما يكون تيارا من الهواء الخفيف يتسبب بهذا برغم أن كل الشبابيك مغلقه .
مر الوقت ووجدت البالونه التى على شكل قلب تتجه ناحيتى ، فابتسمت وقمت بنفخ تيار هواء من فمى لكى ترتد إلى الخلف وفعلا ارتدت إلى الخلف ثم عادت لى مره ثانيه مما أسعدنى وجعلنى ممتن لقوه تيار الهواء الذى اصدره من فمى.
تكرر هذا ثلاث مرات ولكن فى المره الرابعه كانت البلون تتحرك ناحيتى رغم تيار الهواء الذى أقوم بنفخه وتبتعد عنى حينما أتوقف عن النفخ .
ساعتها أدركت أن هناك شيئا خطأ وأن مايحدث أمامى ليس بالشئ الطبيعى وأن هناك شيئا سريا وراء هذا ، وهنا تزكرت مايصيب ريكس من رهبه أثناء الليل .
احتفظت برباطه جأشى وادركت ساعتها أن هناك روح أو أرواح تسكن المكان .
جلست هادئا ثم قلت : لك الأمان ولى الأمان لاتؤذينى ولا اؤذيك بإذن الرحمن .
ثم جائنى صوت رقيق : لن نؤذيك ، ولكن لدينا مطالب منك .
فقلت : هل توجد مطالب بين الإنس والجن .
قال الصوت : نعم ، لديك فى هذا السكن اكثر من سته أشهر ، وكان يمكننا أن نخرجك منه منذ أول يوم ، ولكننا وجدناك انسانا طيبا صريحا وكذا اسرتك فهى اسره طيبه جميله فقررنا ان نترككم تعيشون هنا .
فقلت له : يمكننى أن أترك هذا السكن من الغد ، فأنا لا أستطيع العيش فى جو مثل هذا .
قال الصوت : لن تجد اروع واجمل من هذا السكن وستعيش فيه دون إزعاج إذا ماستمعت لطلباتنا .
قلت له : ماهى طلباتك ؟
قال لى الصوت : البدروم بالأسفل مكون من سته غرف وانت قد وزعت الكثير من أغراضك على السته غرف ، لو سمحت أفرغ الغرفتين الداخلتين تماما فهم لنا ولك حريه التصرف فى باقى غرف البدروم .
قلت له : على الرحب والسعه ، ولكنى سوف اترك هذا السكن تماما .
قال لى الصوت : أسمع يا هذا ، هذا وعد ، لن تشعر بنا بعد هذا اليوم .
قلت له وانا أرتعش : أى وعد ، هل هناك وعود بين الإنس والجن ؟
قال لى : نعم هناك وعود ونحن نبر بوعودنا .
قلت له : وما ادرانى انكم لن تحتكوا بأولادى أو تحاولوا أن تتلبسوهم .
قال لى غاضبا :ماذا تقول ؟ هذه ليست أخلاقنا هذه أخلاق الجن فى بلادكم ، فهنا يوجد قانون للجن كما يوجد قانون للبنى أدمين .
قلت له مندهشا مرتعبا : مش فاهم حاجه !
قال لى : فى بلادكم القانون البشرى سداح مداح يفرض على البعض ويسوق لصالح البعض وهكذا أيضا الأرواح والجن فى بلادكم ليس لهم مبدأ .
قلت له : والله مانا فاهم حاجه !
قال لى الجن : فى بلادكم ، لو وجد الناس بالشبهه واحده تجلس مع واحد يتهمونها بالباطل إنها زانيه ويحاولون محاكمتها ، بينما هم انفسهم يرسلون النساء من زوجاتهم وبناتهم واخواتهم لممارسه الزنى ويدعون أنه جهاد فى سبيل الله ، فيلبسون الحق بالباطل ، وهكذا الجن والأرواح التى تعيش فى بلادكم تسلك سلوككم .
فقلت له : يعنى بناء على كلامك انتو كأرواح أو كجن تعيشون بالغرب لا تتلبسوا اجساد البشر ؟
فقال لى صوت الشبح : كده انت مافهمتش أنا أقصد أيه ، إحنا سواء جن أو أرواح لازم نتلبس الأجساد ، بس فيه قانون وفيه إلتزام .
فقلت له : إزاى يعنى وضح لى ، هتلبسوا مين يعنى ؟
فقال لى الشبح المتخفى خلف البالون : إحنا تخصصات ، يعنى فيه مننا إللى يحب يتلبس النساء ، ده يروح فين ؟ ده بيروح للأماكن المتخصصه ذى بيوت الدعاره ، فيه ناس غاويه العقول اللى مش بتؤمن بربنا ، ده ليه جن بتروح لهم وتنفخ فى ذواتهم لغايه ماتتلبسهم وممكن تخليهم ينتحروا فى النهايه ، وهكذا ، لكن مش بنروح لأى حد .
فقلت له : شئ جميل ، والجميل إن قوانينكم ثابته .
فرد على الشبح حزينا : ما أوعدكش ، لقد هبت علينا عاصفه من الجن و الأرواح الشاذه شارده مع بعض المهاجرين من بلادكم ، ونخشى أن هذا سيخل بالتركيبه الجنيه مستقبلا .
فقلت له : مستقبلا ، يعنى فى خلال كام ؟
فقال لى الشبح وصوته حزينا : حوالى عشرين سنه .
فقلت له : إذا لن تتغير هذه القوانين قبل عشرين سنه ؟
فقال لى الشبح : أعتقد هذا .
فقلت له : أنا لن أستمر فى هذا السكن طويلا ، فعقدى مع صاحب البيت لمده ثلاث سنوات فقط ، فأوعدنى أن لا تمسونى أنا وزوجتى وأولادى وريكس خلال هذه الفتره .
فقال لى :أوعدك ووعد الجن دين عليه ، أوعدك .
فقلت له : بالنسبه للغرفتين الداخليتين بالبدروم ، من الصبح هاخليهم ومش هاخلى فيهم حاجه ، تحب انضفهم بوش محاره ودهان جديد ؟
فقال لى الشبح : إياك أن تدهنها ، كلما كانت موحشه ، كلما كانت ملائمه لنا .
قلت له : تمام يابن الجن .
فقال لى الشبح : تمام يابن الأنس مع السلامه .
وانصرف الشبح ومعه البالونه تتبعه .
وفى اليوم الثانى قمت بافراغ الغرفتين الداخليتين بالبدروم تماما ، ومن يومها لم أشعر بأى شئ غريب ، كما لم تنتاب ريكس أى مشاعر خوف أو رهبه .
شكرا لقوانين الأنس بالغرب وشكرا لقوانين الجن بالغرب .
د / جيه رؤوف
عم بطرس فى رمضان
صحوت صباحا مبكرا جدا لكى اتناول حقنه الأنسولين الخاصه بى ، وحتى لا تحدث لى غيبوبه مثلما يحدث دائما حينما لا آكل جيدا فتنخفض نسبه السكر فى دمى ، اصبحت حريصا جدا فقد أبلغنى طبيبى الخاص بأن غيبوبه نقص السكر أشنع وأخطر من غيبوبه زياده السكر.
ذهبت سريعا إلى المطبخ لكى أعد طعام الإفطار لى وهو طعام إفطار بسيط ، وحيث أننا فى أيام صيام الرسل البالغ من العدد 45 يوم فأنا لا أتمكن لمرضى من الصوم انقطاعا تاما عن الأكل والشرب مثل الآخرين ولكنى أكتفى بالأكلات الخاليه من المنتجات الحيوانيه .
مددت يدى المرتعشه الحريصه على عدم إصدار أى صوت حتى لا أسبب أى إزعاج لزوجتى النائمه فى الغرفه المجاوره وفتحت باب الثلاجه لأمسك بدماسه الفول الكائنه فى العمق .
اخذت خمسه ملاعق من الفول الشهى ووضعتهم على البوتاجاز لكى اشيع بهذه الحبات المترقرقه من الفول الدفء والسخونه .
المهم لا أطيل عليكم تناولت إفطارى ثم بعدها حقنت نفسى بحقنه الأنسولين ، ولكن كانت لى مشكله كبيره فاليوم لابد أن أذهب لإستخراج بدل فاقد لبطاقتى الشخصيه ، والمشكله الكبرى أننى أحتاج لتناول الطعام على فترات متباعده حتى لا ينقص مستوى السكر فى دمى وأدخل فى غيبوبه .
فى الآيام العاديه لا توجد مشكله ولكننى الآن فى شهر رمضان والكل صائم ، وأنا لا أريد أن اثير مشاعر اخوتى فى الوطن المسلمين الصائمين ولن أستطيع أن أتناول الأكل أمامهم ، فهذا سوف يثير مشاكل كبيره أنا لست مستعد لتحمل عواقبها ، غير ذلك أنا لا أستطيع تناول أى أكل فى أى مطعم وذلك لأن كل المطاعم تقفل فى نهار رمضان ، كما أننى لا أستطيع تناول أى مشروب لرفع نسبه السكر فى دمى فكل المقاهى مغلقه !
ما العمل وأنا لا أعرف كم ستمتد فتره بقائى فى السجل المدنى مع البيروقراطيه والتشدد فى المستندات والدمغات وما إلى ذلك ؟
خطرت لى فكره جهنميه وهى أن آخذ شنطه متوسطه الحجم توضع على الكتف وأضع بها ماأحتاج من غذاء وفاكهه وزجاجه ماء والحمد لله الفول موجود ، وصنعت عده سندوتشات من الفول الشهى بالسلطه وكنت حريصا جدا أن أغلفهم جيدا بغلاف من البلاستك ، حتى لا تخرج رائحه الفول فتثير حساسيه أخوتى الصائمين وتسبب مشاكل أو كوارث فى هذا الشهر الفضيل .
كنت أعلم أن الشيطان يكون مسلسلا فى هذا الشهر الفضيل ورغم ذلك أردت أنا أن لا أكون شيطانا يستفز مشاعر إخوتى فى الوطن ويثير صيامهم .
المهم غلفت كل هذه الأغزيه والفاكهه مع زجاجه الماء ووضعتهم على كتفى واستقليت اتوبيسا ذاهبا إلى السجل المدنى وكم كانت رائحه العرق الصادره من ملابس الركاب فى الأتوبيس تزكم الأنوف .
المهم وصلت إلى السجل المدنى ووقفت فى صف طويل و وانتظرت طويلا فى الصف حتى وصلت إلى الموظف الذى اطلع على كل أوراقى التى اجهز فيها منذ أكثر من شهرونصف ، ونظر إلى الموظف قائلا :
أخيرا يا عم بطرس كملت أوراقك ، مش كان من الأول ليك شهرونصف رايح جاى ، المهم فاضل دلوقتى تجيب طابع شرطه ، علشان يكون ورقك كامل .
سألته : ومنين أجيب طابع الشرطه ؟
قال لى الموظف : هو الطبيعى إنه بيتباع عند حسانين صاحب البوفيه ، لكن حسانين مش موجود لأن البوفيه قافل ، أنت عارف إحنا فى الشهر الفضيل ، عليك وعلى مركز الشرطه هات طابع بوسته وتعال .
المهم طلعت على مركز الشرطه واخدت دورى فى الصف الطويل وبعد عناء حصلت على طابع الشرطه .
رجعت بعدها للسجل المدنى ومن بعيد نظرت فلم اجد طابور ، فأسرعت فرحا لكى انجز ماتبقى ، ولكننى وجدت شباك الموظف مغلق وملصق عليه ورقه مكتوب عليها راحه ساعه للصيام .
قلت ساعه واحده مش مشكله ، ولكننى أحسست بالتعب والخوار وابتدأت أطرافى بالتنميل وابتدأ فمى يمتلئ باللعاب وأحسست بدوخه وكلها علامات نقص السكر فى الدم ، إذا لابد أن أكل أى شئ وإلا سوف أدخل فى غيبوبه .
ماالعمل ؟ فكرت كثيرا وقلت ما بدهاش لأذهب إلى دوره المياه وأغلقها ورائى وأكل ، ليس هناك حل غير ذلك .
ذهبت سريعا إلى الدوره ، وفتحت احد أبوابها المتهالكه ولكن كانت رائحتها صعبه جدا ومثيره للقئ والإشمئزاز كعاده كل دورات المياه فى المصالح الحكوميه !
ماذا أفعل ؟ لابد أن اتجاهل كل هذا وآكل وإلا سوف أغيب عن الوعى .
تجاهلت كل ماحولى ، واخرجت ساندوتش الفول واكلته بسرعه وشراهه ، بعد أن أنتهيت وبدأ جسمى يهدأ ، خرجت من دوره المياه .
بعد خروجى من دوره المياه ، تناهت إلى مسمعى أصوات ضحكات تخرج من منور هذا المبنى ، فذهبت إلى هناك ووجدت موظف السجل المدنى ومعه بعض الموظفين يدخنون الشيشه ويتضاحكون !
ألجمت المفاجأه لسانى وجلست معهم ضاحكا ولكنى سرحت قليلا متسائلا :
هل كلهم مرضى بمرض السكر ويتناولون الأنسولين ، ربنا يشفيهم .
بقلم
د / وجيه رؤوف
بعد أن كبرنا فى العمر وأصبح لنا ابناء ، يفكر منا منمن فقد والديه بعد وفاتهم ونرجع بذاكرتنا إلى معيشتنا معهم وكم كانت حياه سعيده .
أرجع بذاكرتى إلى الماضى حيث أول يوم للذهاب إلى المدرسه حينما كان والدى يهندم لى ملابسى المدرسيه الجديده بفرح ويصحبنى إلى المدرسه لكى يعرفنى باساتذتى ويضيع عنى رهبه الموقف الجديد .
وهكذا تمر بى الذاكره مع والدتى التى كانت دائما تشجعنى واخوتى على المذاكره والإجتهاد .
ولا انسى اياما بالطبع كانت تقضيها الأسره فى زيارات للعائله فى مختلف البلدان لكى تزيد الروابط الأسريه والمحبه العائليه .
تأتى إلى ذاكرتى دائما ميامر الملاك التى كانت تقوم بعملها كل اسره من عائلتى على فترات مختلفه ويتم فيها دعوه باقى العائله للصلاه والأكل والأحاديث الجميله فمره يكون الميمر عند عمى بركات ومره عند المقدس عدلى ومره عند المقدس شهيد ومره عند عمى وهبه ومره عندنا وهكذا .....
كانت حياه جميله وبسيطه ولم تكن السياسه تشغلنا ساعتها ، فلقد كان القانون والمحبه تحكم الجميع ولم يكن هناك فروق تلاحظ فى المعامله على اساس اقتصادى أو طائفى .
كنا نحسب أن وجود والدينا معنا فى الحياه هى من المسلمات وان الموت والوفاه يصيب الآخرين ولكن والدينا مستمرين معنا ولايمكن ان نفقدهم .
مرت الحياه وكبر والدى ووالدتى ولقد كان دائما والدى يقول : بعد أن نموت سوف تتذكروننا كثيرا .
وكنت اضحك من تلك الفكره فكيف نفقدهم وهم جزء من روحنا .
ولكن صدق والدى فبعد وفاه أبى وأمى لا يمر يوم دون ان نتذكرهما ، تاره بالمواقف وتاره بالأحاديث وتاره حينما اتذكر الوجبات والأكلات الجميله ولطالما كنت أقول أنه لا يوجد فى الأكل والطبيخ ما ينافس طبيخ والدتى .
وهكذا ايضا لا أنسى ابدا دور والدى وهو يقوم بإصلاح المشاكل بين العائلات والأفراد فلقد كان جميع من يعرفه يثق به وبرأيه وكان ينال إحترام الجميع من البسطاء وحتى عليه القوم.
ولكنى أرجع دائما لنفسى وأقول : آه لو طال بهم العمر واستمروا معنا ، آه لو تمكنا من قضاء وقت أطول معهم ، آه لو تمكنا أعطائهم جزء من السعاده الكبيره والمحبه التى منحونا إياها .
آه وآه وآه وكثيرا من الآهات التى اصبحت متأخره جدا بعد أن أخذتنا الحياه بمعاناتها ومشاكلها ومسئولياتها .
ولكن بعد أن طوى الزمن تلك الصفحه الحقيقيه من الواقع يأتى ابائنا دائما لزيارتنا فى الأحلام وهم دائما يأتون فى ابهى صوره لهم قبل أن يتمكن العمر والزمن منهم ، يأتوننا دائما ضاحكين مبتسمين ليدبو الأمل والسعاده فى قلوبنا من جديد .
يالها من سعاده تلك التى يمنحها لنا آبائنا وهم أحياء ، كما أنهم لا يتوانوا أن يعطوها لنا بعد مماتهم ،
ياله من عطاء جميل لا ينضب ابدا.
ومن توالى الأفكار فى هؤلاء الغائبين الحاضرين دائما ، أسرح واتخيل اليوم المرتقب عندما نلتقى بهم ثانيه ،
نعم سألتقى ثانيه مع ابى وامى وخلانى واعمامى وعماتى ومع كل من احببت ،
نعم سيكون هناك لقاء ثانيا وسعاده ثانيه لا تتوقف على الوقت والمكان ،
نعم سنجتمع معهم فى حضره بهيه وسعاده لا متناهيه فى وجود مانح البهجه الأبديه وخالقها .
ابائنا وامهاتنا واهلنا الذين سبقونا إلى المكان المعد لهم ، نتمنى ان نكون بالقدر الكافى الذى يسمح لنا بالقرب منكم ، فنحن نعلم اين تكونوا وكم كنتم محببين إلى قلب الرب .
أحبائى :
ليحفظ الله جميعكم وليحفظ الله لكم ابائكم وامهاتكم إن كانوا على قيد الحياه وليرحم الرب جميع من رحلو ، أمين.
د / وجيه رؤوف