التخريب السعودي الثالث لمصر
بقلم
خالد ابراهيم عطوه
الملاحظ لتصرفات السعوديين منذ تشكيل الكيان السعودي في الثلاثينيات من القرن الماضي ، يجد أنهم دائماً يقاومون بكل الأساليب نهوض مصر كدولة متحضرة. بدأت هذه المناوئه مع ظهور جماعه "طز في مصر" الشهيرة ب"الاخوان المسلمون" فهذه الجماعة التي كانت تتلقي تمويلا من السعوديين ظهرت في مصر في وقت لا تحتاج فيه البلد إلى أي نشاط ديني إسلامي علي الإطلاق، ففي هذا الوقت كان الشباب المصري المستنير ومعه الشعب كله ، رغم الأمية، يقاوم الاستعمار الانجليزي (حليف السعوديين التاريخي) وكانت مصر مناره للثقافه و الحريات الفردية ، وكنت مركز ثقافي مشع في هذه المنطقة المظلمة من العالم تسطع في سمائها نجوم الشعر والادب والفن والعلم مثل مصطفي مشرفة وسليم حسن، والعقاد وطه حسين، وكذلك السياسيين الوطنيين وهم كثر ولا داعي هنا لذكر سلسلة من الأسماء . إذن، لماذا تنشأ جماعة دنية رغم وجود الأزهر منارة الوسطية و السياسة والمقاومة ، قد نفهم الحاجة لوجود مثل هذه الجماعة في مجتمعات صحراوية متخلفة لا توجد فيها العوامل السابقة، ولكن أن تنشأ هذه الجماعة في مصر بالذات و بتمويل وتشجيع من السعوديين ، أن السبب هو جر المجتمع المصري للبداوة والتخلف الذي كانت تعيشه منطق أخري من الوطن العربي توجد فيها ما يساعد على هذه الطريقة من العيش مثل توافر أموال النفط التي لم تستلزم من اصحابها سوي التواجد و حراسة النفط و كذلك تواجد القوات أو الشركات الانجليزية و الامريكية لحمايه هذه الثروات التي اكتشفها الغرب . أما مصر، فهي تعيش بطريقة مختلفة ، فهي تعيش علي ابداعات ابنائها المكافحين، أما وجود هذه الجماعة فكان سوف يقلب الحياه في مصر تماماً. تعالوا نتخيل لو تولت هذه الجماعه الحكم في مصر في الثلاتنيات أو الاربعينيات ، كنا سوف نصبح مثل السعودية مع فرق بسيط، لا أموال بترول على الإطلاق، ونعيش تابعين للسعوديين. لكن الملك فؤاد وابنه فاروق و لإنهما اجنبيان غير متدينان لم يستسيغا الفكرة وحاربا هذه الجماعه وبهذا افلتت مصر من الفخ البدوي الأول. العامل الأهم في عدم إنتصار هذا المد الوهابي في مصر كان في إشتغال الازهر في الأمور المهمه و الحقيقية الا وهي مقاومة المستعمر والملك الاجنبي الفاسد التافه. هذا أعطي للازهر مكانته التاريخية المهمة ومنع إنتشار هذا التيار كتيار سياسي في البلد.
الجدير بالذكر أن التخريب الثاني تجلي في عهد عبد الناصر بتشجيع السعوديين لامريكا لكي تطلق إسرائيل في حرب ٦٧ وقولهم لهم أنه لا يوجد عربي سوف يبكي لو هزم عبد الناصر ، وهذا مذكور في مذكرات جونسون . ولكن بدأ التخريب الثاني الممنهج لمصر في عهد السادات ، كان السادات يريد إسقاط كل الناصريين في عهده وكان يريد تصفيه آثار عصر عبد الناصر بالكامل ومنها القضاء على التنظيمات الطلابية اليسارية وكل مؤيدي الاتحاد السوفيتي في مصر و كل الرموز الثقافية و معظمهم يساريين ، وكان الحل بناءاً على نصيحة أحد الكهنة المحيطين به هو إستدعاء فلول الدينيين الذين فروا في عهد عبد الناصر إلى مكانهم وبيئتهم الطبيعية وهي دول الخليج، فجاؤوا عل عجل ولبوا النداء و من يومها إختلف وجه مصر تماماً . السادات كان دكتاتوراً وطنياً مثله مثل عبد الناصر، ولكن ناصر كان صاحب مشروع مصري خالص يعتمد على بناء القوة المصرية من الداخل وثمار هذا المشروع كانت تطوراً ملموساً في الستينيات شاهدنا آثاره في الادب والفن والصناعه لدرجة أنه كان تجري في مصر مشروعات تصميم وصناعه الطائرة المقاتله H200 و-H300 في مشروع مشترك مع الهند ،
ولكن السادات كان بدون مشروع وطني، كانت فلسفة السادات تتلخص دائماً في تجنب مواجهات ألمشاكل الصعبة واللجؤ للحل السهل، فالقضاء على معارضة اليسارين له يكون بإحضار الاسلاميين والهروب من مواجهة إسرائيل بمصالحتها والتنازل عن الأمن القومي المصري وحل مشكلة القطاع العام يكون بيدميره بفتح الاستيراد على مصراعيه. وعانت مصر طويلاً حتي اليوم من الظلاميين الذين حاربوا كل وجه ثقافي لمصر من تغيير شكل وزي الرجال والنساء إلي الأزياء البدوية إلى محاربة الادب المصري إلي إحضار الثقافه البدوية إلى مصر واللتي استتبعت الانسياق في نفس السياسة التي تنتهجها السعودية وهي الوكالة لامريكا والكن الفرق أن السعودية تصدر لأمريكا البترول بينما نحن لا نصدر لامريكا شيئا. فاصبحت مصر أقل أهمية من السعودية.
المصيبة أن السادات كان يروج لمقولات أن السعودية والخليجيين هم الذين قطع البترول أيام حرب أكتوبر ، والحقيقة أن شركات البترول الأمريكية هي التي قطعت البوترل لرفع سعره ، وكان السادات يفرط في كل إنجاز مصري و يعطي الفضل للاجانب مثلما كان يردد دائماً أن "صديقي" شاه إيران هو ألذي مولنا بنفط في الحرب، مع أن البترول الايراني كان يملأ خزانات الدبابات الاسرائيلية . كان السادات مفرطاً في أحلام مصر ومشاريعها القومية لصالح دول الخليج و للسعودية بالذات حتي غابت مصر عن وعيها وعن أعين العالم .
التخريب ألثالث لمصر نراه الآن بأعيننا بعد الثورة. فانتشار الجماعات الظلامية باعمالها المخربة وسيطرتها على العقول البسيطة لكي تزحف على الساحة السياسية المصرية في الانتخابات القادمة ماهي إلا توطئة لسيطرة الموالين للسعوديه على القرار المصري بعد خلع أكبر حليف للتخلف في تاريخ مصر والذي ترك مصر مفتوحة تماماً للسياسات السعودية وللثقافة السعودية الوهابية لكي تنتشر في البلد. المشكلة أن هذه الجماعات بدأت كما بدأت جماعة "طز في مصر" تحت ستار الدعوة بل كانوا يدعون لعدم الخروج على الحاكم والدعوي له بالتوفيق الي آخر هذا الكلام الخايب الذي ليس له علاقة بالمجتمع المدني ألقائم على المحاسبة و لديمقراطية. وكانوا قد رفضوا الخروج في المظاهرات في البداية . والآن ، بعد خروج المخلوع ، تكالبوا على الفريسة يريدون القضاء على الباقي من إستقلال مصر.
نداء إلى كل المصريين ، انتبهوا إلى قيمة بلدكم وثقافتها وحافظوا على انجازاتها بعزة و كبرياء ولا تنساقوا وراءة ثقافات شعوب أخري تعيش في بيئات تختلف عن مصر ، ربما تناسبهم هذه الثقافه ولكنها تختلف عن مصر تاريخياً و جغرافياً وموضعيا. إن مصر بلد ثقافي ضخم تذوب فيه الثقافات الاخري لكي تنتج ثقافه خاصه بها كما ذكر جمال حمدان ، ولا يجب أبداً أن تتحول ثقافة مصر لكي تتبع ثقافة الآخرين
بقلم
خالد ابراهيم عطوه
الملاحظ لتصرفات السعوديين منذ تشكيل الكيان السعودي في الثلاثينيات من القرن الماضي ، يجد أنهم دائماً يقاومون بكل الأساليب نهوض مصر كدولة متحضرة. بدأت هذه المناوئه مع ظهور جماعه "طز في مصر" الشهيرة ب"الاخوان المسلمون" فهذه الجماعة التي كانت تتلقي تمويلا من السعوديين ظهرت في مصر في وقت لا تحتاج فيه البلد إلى أي نشاط ديني إسلامي علي الإطلاق، ففي هذا الوقت كان الشباب المصري المستنير ومعه الشعب كله ، رغم الأمية، يقاوم الاستعمار الانجليزي (حليف السعوديين التاريخي) وكانت مصر مناره للثقافه و الحريات الفردية ، وكنت مركز ثقافي مشع في هذه المنطقة المظلمة من العالم تسطع في سمائها نجوم الشعر والادب والفن والعلم مثل مصطفي مشرفة وسليم حسن، والعقاد وطه حسين، وكذلك السياسيين الوطنيين وهم كثر ولا داعي هنا لذكر سلسلة من الأسماء . إذن، لماذا تنشأ جماعة دنية رغم وجود الأزهر منارة الوسطية و السياسة والمقاومة ، قد نفهم الحاجة لوجود مثل هذه الجماعة في مجتمعات صحراوية متخلفة لا توجد فيها العوامل السابقة، ولكن أن تنشأ هذه الجماعة في مصر بالذات و بتمويل وتشجيع من السعوديين ، أن السبب هو جر المجتمع المصري للبداوة والتخلف الذي كانت تعيشه منطق أخري من الوطن العربي توجد فيها ما يساعد على هذه الطريقة من العيش مثل توافر أموال النفط التي لم تستلزم من اصحابها سوي التواجد و حراسة النفط و كذلك تواجد القوات أو الشركات الانجليزية و الامريكية لحمايه هذه الثروات التي اكتشفها الغرب . أما مصر، فهي تعيش بطريقة مختلفة ، فهي تعيش علي ابداعات ابنائها المكافحين، أما وجود هذه الجماعة فكان سوف يقلب الحياه في مصر تماماً. تعالوا نتخيل لو تولت هذه الجماعه الحكم في مصر في الثلاتنيات أو الاربعينيات ، كنا سوف نصبح مثل السعودية مع فرق بسيط، لا أموال بترول على الإطلاق، ونعيش تابعين للسعوديين. لكن الملك فؤاد وابنه فاروق و لإنهما اجنبيان غير متدينان لم يستسيغا الفكرة وحاربا هذه الجماعه وبهذا افلتت مصر من الفخ البدوي الأول. العامل الأهم في عدم إنتصار هذا المد الوهابي في مصر كان في إشتغال الازهر في الأمور المهمه و الحقيقية الا وهي مقاومة المستعمر والملك الاجنبي الفاسد التافه. هذا أعطي للازهر مكانته التاريخية المهمة ومنع إنتشار هذا التيار كتيار سياسي في البلد.
الجدير بالذكر أن التخريب الثاني تجلي في عهد عبد الناصر بتشجيع السعوديين لامريكا لكي تطلق إسرائيل في حرب ٦٧ وقولهم لهم أنه لا يوجد عربي سوف يبكي لو هزم عبد الناصر ، وهذا مذكور في مذكرات جونسون . ولكن بدأ التخريب الثاني الممنهج لمصر في عهد السادات ، كان السادات يريد إسقاط كل الناصريين في عهده وكان يريد تصفيه آثار عصر عبد الناصر بالكامل ومنها القضاء على التنظيمات الطلابية اليسارية وكل مؤيدي الاتحاد السوفيتي في مصر و كل الرموز الثقافية و معظمهم يساريين ، وكان الحل بناءاً على نصيحة أحد الكهنة المحيطين به هو إستدعاء فلول الدينيين الذين فروا في عهد عبد الناصر إلى مكانهم وبيئتهم الطبيعية وهي دول الخليج، فجاؤوا عل عجل ولبوا النداء و من يومها إختلف وجه مصر تماماً . السادات كان دكتاتوراً وطنياً مثله مثل عبد الناصر، ولكن ناصر كان صاحب مشروع مصري خالص يعتمد على بناء القوة المصرية من الداخل وثمار هذا المشروع كانت تطوراً ملموساً في الستينيات شاهدنا آثاره في الادب والفن والصناعه لدرجة أنه كان تجري في مصر مشروعات تصميم وصناعه الطائرة المقاتله H200 و-H300 في مشروع مشترك مع الهند ،
ولكن السادات كان بدون مشروع وطني، كانت فلسفة السادات تتلخص دائماً في تجنب مواجهات ألمشاكل الصعبة واللجؤ للحل السهل، فالقضاء على معارضة اليسارين له يكون بإحضار الاسلاميين والهروب من مواجهة إسرائيل بمصالحتها والتنازل عن الأمن القومي المصري وحل مشكلة القطاع العام يكون بيدميره بفتح الاستيراد على مصراعيه. وعانت مصر طويلاً حتي اليوم من الظلاميين الذين حاربوا كل وجه ثقافي لمصر من تغيير شكل وزي الرجال والنساء إلي الأزياء البدوية إلى محاربة الادب المصري إلي إحضار الثقافه البدوية إلى مصر واللتي استتبعت الانسياق في نفس السياسة التي تنتهجها السعودية وهي الوكالة لامريكا والكن الفرق أن السعودية تصدر لأمريكا البترول بينما نحن لا نصدر لامريكا شيئا. فاصبحت مصر أقل أهمية من السعودية.
المصيبة أن السادات كان يروج لمقولات أن السعودية والخليجيين هم الذين قطع البترول أيام حرب أكتوبر ، والحقيقة أن شركات البترول الأمريكية هي التي قطعت البوترل لرفع سعره ، وكان السادات يفرط في كل إنجاز مصري و يعطي الفضل للاجانب مثلما كان يردد دائماً أن "صديقي" شاه إيران هو ألذي مولنا بنفط في الحرب، مع أن البترول الايراني كان يملأ خزانات الدبابات الاسرائيلية . كان السادات مفرطاً في أحلام مصر ومشاريعها القومية لصالح دول الخليج و للسعودية بالذات حتي غابت مصر عن وعيها وعن أعين العالم .
التخريب ألثالث لمصر نراه الآن بأعيننا بعد الثورة. فانتشار الجماعات الظلامية باعمالها المخربة وسيطرتها على العقول البسيطة لكي تزحف على الساحة السياسية المصرية في الانتخابات القادمة ماهي إلا توطئة لسيطرة الموالين للسعوديه على القرار المصري بعد خلع أكبر حليف للتخلف في تاريخ مصر والذي ترك مصر مفتوحة تماماً للسياسات السعودية وللثقافة السعودية الوهابية لكي تنتشر في البلد. المشكلة أن هذه الجماعات بدأت كما بدأت جماعة "طز في مصر" تحت ستار الدعوة بل كانوا يدعون لعدم الخروج على الحاكم والدعوي له بالتوفيق الي آخر هذا الكلام الخايب الذي ليس له علاقة بالمجتمع المدني ألقائم على المحاسبة و لديمقراطية. وكانوا قد رفضوا الخروج في المظاهرات في البداية . والآن ، بعد خروج المخلوع ، تكالبوا على الفريسة يريدون القضاء على الباقي من إستقلال مصر.
نداء إلى كل المصريين ، انتبهوا إلى قيمة بلدكم وثقافتها وحافظوا على انجازاتها بعزة و كبرياء ولا تنساقوا وراءة ثقافات شعوب أخري تعيش في بيئات تختلف عن مصر ، ربما تناسبهم هذه الثقافه ولكنها تختلف عن مصر تاريخياً و جغرافياً وموضعيا. إن مصر بلد ثقافي ضخم تذوب فيه الثقافات الاخري لكي تنتج ثقافه خاصه بها كما ذكر جمال حمدان ، ولا يجب أبداً أن تتحول ثقافة مصر لكي تتبع ثقافة الآخرين
رائع
ردحذف