الجمعة، 28 أغسطس 2009

مايقال همسا قاله علنا بقلم الأستاذ ابراهيم سعده ( الأخبار )



ماأحوجنا إلي المزيد من الحديث عن » الدين لله والوطن للجميع « ، وعن » حقوق المواطنة « بحيث نركّز علي » المساواة المطلقة بين المصريين جميعهم بصرف النظر عن اختلاف دياناتهم، ومذاهبهم، ومعتقداتهم، وعاداتهم، وتقاليدهم «.الدستور المصري الحالي، يتضمن نصوصاً واضحة لتأكيد هذه المباديء كلها، وغيرها، ومن بينها حق المصري في إبداء رأيه في أي شيء، وكل شيء .. سواء اتفق البعض معه، أو خالفه فيه البعض الآخر . وللأسف فإن ما نسمعه، ونقرأه، ونراه ـ في هذه الأيام ـ يؤكد أن النصوص شيء، أما التطبيق فشيء آخر تماماً ! فهناك من المصريين المسلمين من يؤيد، ويوافق، علي نص مبدأ » المساواة المطلقة بين المسلمين والأقباط في الحقوق والواجبات « ، لكنه سرعان ما ينفعل غضباً، ورفضاً، لو سمع من مصري ـ مسيحي ـ نقداً لتطبيق هذا النص علي أرض الواقع، كما يتضاعف حنقه وثورته لو طالب مصري آخر ـ مسلما، أو قبطيا ـ بتغيير نص في القانون أو الدستور يري أنه جاء متناقضاً مع مبدأ المساواة المطلقة بين المواطنين جميعهم !كانت تلك انطباعاتي علي الحديث المهم ـ لصراحته، ومصداقيته ـ الذي أدلي به : » نجيب ساويرس « للزميل :» حسن معوض « ـ قناة بي.بي.سي العربية ـ وأجاب فيه علناً، عن كل ما يقوله معظمنا همساً !أكد نجيب ساويرس مكرراً إيمانه بعلمانية الدولة . حقيقة أن الدستور المصري ـ بعد التعديلات والإضافات الأخيرة ـ يعطي إحساساً واضحاً بـتلك » العلمانية « ، لكن حقيقة ـ أيضاً ـ أن نص الكلمة لم يذكر حرفاً واحداً منها .. لأسباب قد نعرفها، أو نجهلها، وفي الحالتين نجد من يرفضها من المسلمين والمسيحيين معاً . وقد عبّر نجيب ساويرس ـ بصراحته المعهودة ـ عن هؤلاء جميعاً، مطالباً بإلغاء المادة الثانية في الدستور ـ التي تنص علي أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع ـ لأن فيها كما يقول :» تأصيلاً للطائفية، من جهة، وإضعافاً، من جهة أخري، للحجة ضد جماعة الإخوان المسلمين التي تخلط الدين بالسياسة، رغم أنف المبدأ الشهير : الدين لله والوطن للجميع «.و عندما سأل مندوب » بي.بي.سي « ـ حسن معوض ـ نجيب ساويرس عن الغرض من تغيير المادة الدستورية؟ وهل يريد إضافة الدين المسيحي إلي الشريعة الإسلامية؟ أجاب نجيب بالرفض مكرراً إيمانه بفصل الدين ـ أي دين ـ عن الدولة . وكان رجل الأعمال الشهير، والمهموم بقضايا وطنه لأقصي درجة، أكثر وضوحاً في شرح وجهة نظره قائلاً :» خطورة الإبقاء علي المادة ( 2 ) في الدستور إنها تعطي الحق لأي شخص أو جماعة ـ يخضع للمحاسبة القانونية ـ للتعلل بها دفاعاً عن خروجه علي القانون، مشيراً إلي أن الدستور المصري ينص علي مزج الدين بالدولة !ما قاله نجيب ساويرس يتطلب وقفة تذكّرنا بما نعرفه وإن كنا نتماشي معه . فالدستور المصري ينص في مادة أخري علي حظر قيام أحزاب سياسية علي خلفية دينية، وهي المادة الجديدة التي أدخلت علي دستورنا في تعديلاته الأخيرة، وهللنا لها طويلاً .. ولا نزال . ورغم ذلك فهاهي جماعة الإخوان المسلمين ـ المفروض حظر نشاطها:قانوناً ودستورياً ـ تُعلن عن نفسها، وهويتها الدينية، وتوزع الألقاب علي قياداتها، وخاضت كل المعارك الإنتخابية النيابية والنقابية والمحليات تحت شعاراتها، وإن أسقطتها فقط علي الورق الذي تقدم به مرشحوها لقبول ترشيحهم ! وبهذا التزوير الواضح للعيان .. نجح 88 » إخواني « في انتخابات مجلس الشعب الحالي .. تحت سمع وبصر كل السلطات المسئولة عن تطبيق القانون، وتقديس الدستور؟ ! وعندما هالنا ما حدث ـ ويحدث ـ وتساءلنا ألف مرة، ومرة : » أين فصل الدين عن الدولة؟ !« ، و » أين حظر قيام أحزاب وأنشطة سياسية علي خلفية دينية؟ !«.. لم نسمع جواباً، ولا تفسيراً، ولا حتي وعداً بقرب تصحيح الخطأ !وعودة إلي الحديث مع القناة التليفزيونية البريطانية : » بي . بي . سي «.. لنسمع اعتراضاً من ضيفها : » نجيب ساويرس « ـ ومعه حق ـ علي أن نص المادة الدستورية وإن أعطت للشريعة الإسلامية مكانتها كمصدر رئيسي لتشريعات الدولة، إلاّ أنها » تؤدي إلي حالة من النسيان والإهمال تجاه 15مليون مصري قبطي «

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق