ولكن هكذا عودنا دائما أستاذنا الجليل دكتور شريف حافظ على تقديم الحقيقه دائما وبدون رتوش
فتحيه لهذا السياسى الوطنى الذى يعشق مصر بكل جوارحه
د / وجيه رؤوف
وهاهو مقال استاذنا الكبير
استُشهد، الرئيس الراحل، محمد أنور السادات، برصاص مستغلى الدين، يوم 6 أكتوبر 1981، دافعاً حياته ثمناً باهظاً نتيجة أخطائه فى مُهادنة الحركات الإسلامية المختلفة، وعلى رأسهم الإخوان المسلمين التى جاءت أغلب الحركات المستغلة للدين فى العالم من تحت عباءتها. عرف القاصى والدانى أن سبب اغتيال الرئيس الراحل، هو "استغلاله" الدين، ضد القوى المناوئة له، وبدا تشرس الحركات الدينية فى حادث "المنصة". وكان المنتظر من النظام الجديد معالجة تلك الإشكالية على شتى الأصعدة، وليس الصعيد الأمنى فقط، ولكن المُدهش، أن النظام لا يزال "يبرر" لانتشار تلك الظاهرة بما وقع "أيام السادات"، وكأن السادات لا يزال بيننا، ولم يُستشهد وكأن النظام ليس له وجود، ويريد شماعة أو كبش فداء من الماضى، ولا يملك عقلاً أو قدرة للقضاء على تلك الظاهرة التى أضحت منتشرة كالنار فى الهشيم، من خلال قنواته الفضائية الدينية على النيل سات التى تنشر التطرف وليس الاعتدال، بل إن المفاجأة الكُبرى التى أوردها الأستاذ محمد الدسوقى رشدى، الكاتب بجريدة اليوم السابع، أن مؤسسة الجمهورية (الحكومية) تمول قناة الناس التى تنتقد شيخ الأزهر وتهاجم مشاريع الدولة، وهو ما يدل، إما على تعمد الدولة نشر الإرهاب فى المجتمع أو أنها لا تعرف فعل المؤسسات المختلفة فيها، وإن كانت تعرف، فتلك مصيبة، وإن كانت لا تعرف، فالمصيبة أعظم!لقد عاشت البلاد فتنا كثيرة فى الصعيد بين مسلمين وأقباط، وأياً كانت تسمية كل حادث فإن السؤال للدولة يبقى: إن كنت قد فشلتى فى فك مكونات تلك الإشكالية عبر ما يزيد عن الـ 28 سنة، ألا يجب أن تقبلى تسميتك بالدولة الفاشلة؟ ولقد لاحظت منذ حادث فرشوط تحديداً، أن هناك حالة من الغليان بين الأقباط، بأكثر مما مضى فى أى من الأزمات السابقة، ثم جاءت مأساة نجع حمادى لتثبت "قصوراً" أمنيا إلى أبعد مستوى ممكن، خاصةً مع تنبؤ الكثيرين بإمكانية حدوث تهديد أمنى فى تلك المنطقة، لأنها منطقة أزمات من هذا النوع (المنطقة التى تشمل الكشح ونجع حمادى وفرشوط). لقد حدث هجوم نجع حمادى على ثلاث مراحل، مرة قبل 100 متر من المُطرانية، ومرة بعد 500 متر من المُطرانية، ومرة على بُعد خطوات منها، وعندما سُئل السيد اللواء المحافظ مجدى أيوب، أين كان الأمن، بعد إطلاق الرصاص فى المرحلة الأولى، أجاب بأنه "ربما ارتبك"!!! وأنا أسأل: هل تلك إجابة تصدر عن رجل أمن؟ إن كان الأمن المصرى يرتبك من إطلاق النار، فهل يجب علينا استيراد أمن من خارج القُطر؟! لقد عبر الرئيس مبارك عن أن حادث معبد حتشبسوت فى نوفمبر 1997، لهو "تهريج أمنى"، فماذا يكون الأمر، فى حال تكرار حوادث الفتنة فى الصعيد فى السنة الواحدة أكثر من ثلاث مرات وفى إطار منطقة معروفة بتلك الحوادث؟ أعتقد أن هذا يمكن أن يوصف بأكثر من كونه تهريجا أمنيا وفقط!ثم إن الظواهر المختلفة فى الصعيد من فتن وثأر وقبلية وعصبيات وعائلات يدل على فشل فظيع للدولة بعد أكثر من 28 سنة، فى إطار استمرار كل هذا حتى اليوم. فهذا يدل على أن تلك المشاكل أصبحت مزمنة، دون علاج من قبل الدولة، على الإطلاق، رغم إيهام الإعلام لنا، من خلال مختلف المنابر، أن الدولة عالجت تلك السلوكيات، وهو ما يجعلنا نتهم إعلام الدولة "بالكذب" الواضح فى هذا الخصوص، بينما الموضوع فى استفحال مستمر! وبينما يقول البعض بأن المسألة فى نجع حمادى، نتيجة ثأر لما حدث فى فرشوط، فقد رفض هوارة فرشوط التهكة، لأن عادتهم تمنعهم من أخذ الثأر عشوائياً!!وزاد على تلك المشاكل المذكورة أعلاه تواجد مراكز قوى تُقيم دولة داخل الدولة!! ولا يخفى عن الدولة اتهامات وهمسات بين الأقباط، لأشخاص بأعينهم فى نجع حمادى فى الجريمة الأخيرة، فعلاوة على اتهام عبد الرحيم الغول، نائب مجلس الشعب عن الحزب الوطنى، وبث صور له مع المتهم حمام الكمونى على الإنترنت، تدل على عُمق معرفته بالمتهم، هناك إشارات لشخص يُدعى سيد سليم، صديق للكمونى، ويوسف الليثى وهو خال حمام الكمونى وهو الذى قال أهل البلدة عنه إنه "يرافق منذ شهور ملتحين من خارج المدينة، بينما هم غُرباء عن المنطقة"، وطالت الهمسات أيضاً، عقيد شرطة سابق، وهو رجل شديد السلطة فى نجع حمادى ويهابه الكبير قبل الصغير، ويؤدى، وفقا للهمسات، خدمات بالغة لكل من "يريد من أهلة أو مريديه توجيه ضربة للآخرين - وهو من قبائل الهوارة ويمت من حيث القبيلة بصلة قرابة لطفلة فرشوط المغتصبة"! "كما أتت الأخبار أن ناصر أحمد فخرى قنديل شقيق النائب فتحى وحمام الكمونى لم يكفا عن الالتقاء فى عمارة طارق بشارع توفيق الحكيم بنجع حمادى، ولا يوما واحدا منذ أحداث فرشوط وحتى وقوع أحداث الميلاد.. وهى العمارة التى تدور حولها الأساطير فى تسليحها بالأسلحة الميرى والمستورد"!فهل توجد مراكز قوى فى الصعيد مُشكلة لدولة داخل الدولة، وتريد إرهاب الأقباط من أهل مصر على حساب الدولة المصرية وعلى حساب الأمن المصرى وعلى حساب سُمعة الدولة المصرية فى الداخل والخارج؟! هل تعترف مصر بدولة أُخرى بداخلها؟ إن كان هذا كذلك فإن الدولة تقف وبشكل رسمى ضد المواطنين، وتُصنفهم، تصنيفات عرقية ودينية، لا يُمكن القبول بها على الإطلاق، ويجب أن تستعيد الدولة "ضميرها"، لأن ما يحدث لا يُمكن السكوت عنه، ويجب أن يتدخل سيادة الرئيس شخصياً، ليخرجنا من تلك المأساة، لأن الحرب الأهلية اللبنانية وكل حرباً أهلية، بدأت بمراكز للقوى تؤكد هيمنتها بعيداً عن أجهزة الدولة، وهو ما لا يُمكن لأى دولة فى العالم قبوله، إلا لو كانت تُعلن عن أنها تريد فنائها هى ذاتها!إننا حيال الكثير من المشاكل فى الصعيد التى يجب أن تُجتث من الجذور حتى يُصبح هناك أمن بالفعل فى تلك المنطقة. إن وجود السلاح فى الصعيد بهذا الكم المُخيف ليدلنا على مُشكلة تهريبه إلى الداخل المصرى وبشدة، وهو ما يجب أن يصدر تعميما بخصوص منعه تماما، وبالذات فى الصعيد، أكثر من أى مكان آخر، طالما الدولة فاشلة فى القضاء على الظواهر المستفحلة، ضد الأمن، هناك!كما يجب وأن يصدر قرار من الحكومة، بتحريم استخدام واستغلال الشعارات الدينية، تماماً، فى الانتخابات، خاصةً أن الدولة ذاتها التى ترفع شعار المواطنة خفاقاً! لا يُمكن أن تُرفع شعارات دينية "إسلامية" فى مصر، وإلا كان هذا قبولاً من قبل الدولة برفع شعارات مسيحية وبهائية فى مصر، وفقا للمساواة أمام القانون أو فى الفعل! وبالتالى فإن هذا الأمر يجب وأن يُمنع من قبل النظام ويُجرم فاعله وكل المُشاركين فيه، كما يجب ألا تُرفع أى لافتات عليها الهوية الدينية لأى شخص، لأن ما نُشر من قبل فى اليوم السابع، هو أن حملات عبد الرحيم الغول فى نجع حمادى كانت ترفع شعار "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، وهو نوع من الرياء، لأن الجميع يعرف أن الرجل مسلم، ولا داعى للتأكيد، كما أن الدين ليس له محل من العملية الانتخابية الخاصة بمصر كلها، إلا إذا افترضنا أنها دولة دينية!وفيما يتعلق بالعزاء لأسر الضحايا اندهشت كثيراً لإلقاء الأمن، القبض على بعض الناشطين الشباب الذين ذهبوا لتعزية أسر شهداء نجع حمادى. ماذا اقترفوا لكى يُقبض عليهم؟ هل هذا دور الأمن إذاً؟ أن يعتقل من يؤدى واجب العزاء، من ناشطين شباب، لا حول لهم ولا قوة، ولا يقف عائقاً أمام البعض ممن يستهدف الآمنين من المصريين؟؟! لا أعتقد أن هذا فى مصلحة أمن مصر! لقد عرف العالم بما كان هؤلاء الشباب سيقومون به من واجب عزاء، ولو تركوا لما عرف أو سمع أى شخص بهم، ولكن هكذا يصنع النظام دائماً الأبطال! إن اعتقال الناس وقمعهم وسلب حريتهم لسبب تافه كهذا، وترك من دونهم يقتلون ويرهبون الأبرياء لأمر غريب حقاً! والسؤال البديهى هو: هل الأمن فى مصر يحمى النظام أم يحمى المصريين؟ وأسأل مرة أخرى: هل علينا استيراد أمن من الخارج؟.هناك فارق شاسع بين أن يخاف المرء من القانون وأن يحترم هذا القانون! نخاف القانون لو أن القانون ليس بعادل، ونحترمه إن كان له سيادة ويطبق على الجميع بتساوى. ومن منطلق عشقى لبلادى لم أكن لأستطيع أن أصمت عن مواجهة الشكوك، لأن واجبى كمواطن وأكاديمى، جعلته الظروف يكتب ويقول الحق يُحتم على الإبلاغ عن الهمسات، عندما تتعلق تلك الهمسات بأمن المصريين أياً كانوا ومن أى دين، لأن التحقيق يجب أن يطال كل من يمسه الشك، وأن تتم مُحاكمة نظام الفتنة كله، حتى يُبرأ البرىء على يقين، ويرتدع من يزرع البغضاء بين المصريين، ويُعاقب من فعل فعلة مست قلوبنا وروعتنا، وتُصبح مصر، حقاً، لكل المصريين، وليدخلها الناس دوماً، آمنين!