يكون الصدام في المعتاد بين الكيانات المختلفة، سواء كانت أفراداً أو جماعات أو دول، نتيجة لتصارع الإرادات، الناجم عن اختلاف المصالح، أو تباين الرؤى، ونظرة كل طرف لذاته وللآخر، تلك التي قد تجذبه للصداقة أو التحالف مع الآخر، وقد تقوده للصدام معه. . في كل الأحوال يكون هناك موضوع هو محل الصدام أو سببه، وقد يكون هذا الموضوع مادياً محضاً، كما في الصراعات حول الثروة والسلطة، وقد يلحق بالموضوع المادي شق معنوي، يعمل في بعض الأحيان كواجهة أو مبرر علني للصراع، كما في حالة الصراعات التي عرفتها البشرية بمسمى الحروب الدينية، وخير مثال لها اجتياح قبائل شبه الجزيرة العربية لما حولها من بلاد، تحت مسمى الفتوحات الإسلامية، والحروب الصليبية التي رفعت راية حماية الأراضي المقدسة، ولم يكن لتلك الراية من وظيفة غير تجييش الجماهير، خلف غايات أبعد ما تكون عن القداسة، على الأقل لدى من أطلقوها ورفعوها، لغايات خاصة، يدركونها هم على أكمل وجه.
في بعض الحالات التاريخية يمكن أن نجد للعنصر المعنوي في موضوع الصدام دوراً يبدو أكثر جوهرية من الشق المادي، لتلعب الاعتبارات المادية دور المساند والمحفز للصدام الفكري والأيديولوجي، وهذا نراه في حروب النازية والفاشية، التي كان المحرض الرئيسي لها، فكرة الاستعلاء والسيادة العنصرية، كما نجده في تمدد الاتحاد السوفيتي السابق في أوروبا الشرقية، ومحاولاته التوغل فيما عرف بالعالم الثالث.
إذا نظرنا إلى حالة الصدام المزمنة في منطقة الشرق الأوسط، لابد وأن يلفت نظرنا عوامل موضوعية مادية، تتصدر كل ما جرى ويجري من صراعات. . فالصراع العربي الإسرائيلي صراع على الأرض والسيادة، رغم الرائحة النفاذة للشق المعنوي، المتمثل في العداء الديني لليهود، باعتبارهم أعداء دائمين لله، والذي يجعل من الوصول إلى توافق حول النواحي المادية، ضرباً من السعي لتحقيق المستحيل. . كذا صراعات صدام حسين، خلفها تنازع الأرض والسيادة مع إيران، ثم محاولة التهام الكويت بثروتها البترولية، رغم رايات حماية البوابة الشرقية للوطن العربي، وشعارات الوحدة الإجبارية بين الأمة العربية المناضلة. . داخل العراق والسودان والجزائر أيضاً، نجد الصراع بين القومية العربية المهيمنة على السلطة والثروة، وبين قوميات تسعى للبقاء على قيد الحياة، ويسعى في ذات الوقت أفرادها للحصول على نصيب أكثر عدالة من كعكة الوطن وثروته.
نستطيع أن نمضي على هذا النحو في كل صراعات المنطقة، لنجد دائماً أسباباً موضوعية، يتقدمها أو يساندها عناصر معنوية، أيديولوجية وعقائدية. . لكن إذا ذهبنا إلى مسافة أبعد تحت سطح تربة الشرق الأوسط، وبالتحديد فيما يحق لكاتب هذه السطور أن يدعي بعض العلم المعيشي به، وهو المجتمع المصري، لوجدنا أن هناك أمراً آخر غير ما سبق، له الدور الأكبر والأخطر في حالة الصراع الدائم التي تعيشها شعوب المنطقة، وهو الذي يرفد حالة الصراع على المستوى الأعلى، بوقود لا ينضب من الاحتقان، يضمن استدامة حالة الصراع تلك. . أو فلنقل أننا يمكن أن نكتشف القاعدة العريضة والصلبة، لنهج الصراع والصدام الدائم في المنطقة، سواء ذلك الذي يجري مع أطراف خارجية، أو ما يجري بين أبناء الوطن الواحد، بتعدد مكوناته وطوائفه، ما يتضاءل إلى جانبه دور أسباب الصراعات أو مواضيعها، بحيث يغدو من العبث محاولة إطفاء نيران تلك الصراعات، بالوصول إلى اتفاقات سلام وتسوية للأمور الموضوعية العالقة، وخير مثال لنا هنا، هو ما يعرف بالقضية الفلسطينية، التي كلما أشرفنا على تسوية سلمية لها، سارعت الأمور بالتدهور بضعة أميال إلى الخلف، كما لو أن هناك قوة شيطانية خرافية، تصر على دوام الصراع إلى الأبد.
ما نستطيع أن نلمسه بوضوح تحت السطح في الساحة المصرية (كمثال)، هو حالة متفشية بين الناس، بين الأفراد قبل الجماعات، يمكن توصيفها بسيكولوجية الصدام. . معظم الحوارات بين الأفراد تتحول بعد لحظات إلى شجار وصدام، بل ويبدو في الأغلب أن الأطرف تكون مبرمجة بالأساس وقبل بدء الحوار، على انتهاج التوجه الصدامي، حتى قبل اكتشاف نقاط اختلاف بين طرفي الحوار، حول القضية المفترض أنها موضوع الحوار.
عن العلاقات البسيطة اليومية بين الناس العاديين أتحدث، وليس عن الخلافات الكبرى، سواء بين الأفراد أو الجماعات أو الطوائف.
أزعم آملاً -أن أكون على خطأ- أن الحالة في المجتمع المصري، أشبه بتفشي وباء الصدام، الذي أصاب بالاحتقان عقول وأعصاب الجميع، لنسعى جميعاً إلى تعظيم ومفاقمة خلافاتنا، مهما كانت يسيرة الحل، وربما في بعض الحالات يبدو وكأننا نصطنع تلك الخلافات اصطناعاً. . كأننا قد تحولنا جميعاً إلى أعواد ثقاب، لا تلتقي إلا لتتناطح وتشتعل من بعضها البعض، ولا يعدو البحث عن أسباب موضوعية لتلك الملايين من الصدامات الصغيرة والكبير يومياً، إلا نوعاً من سذاجة المعالجة، وضحالة التقييم والتوصيف لما يحدث على أرض مصر المحروسة، ذلك أن الحجم الذي تشغله العناصر الموضوعية في مثل هذه الصدامات، يكاد يقترب من الصفر، إذا ما قورن بحجم تأثير حالة الاحتقان العقلي والعصبي لدى أطراف الصراع.
ظاهرة التحرشات الجنسية الجماعية، التي بدأت تشهدها ميادين وشوارع القاهرة، نعم يلعب فيها الكبت الجنسي دوراً، كما تلعب الثقافة التي تصور جسد المرأة على أنه عورة، والمرأة كلها على أنها مجرد كتلة جنسية، يسيل لها لعاب الذكر وتستنفر غرائزه بمجرد مرآها، لكن هذا كله لا يبدو كافياً لتبرير تلك الاحتفاليات الجماعية للتحرش الجنسي، ما لم ندرك ما هو أكثر جوهرية في الدفع لتك الحالات، وهو سيكولوجية الصدام، التي تدفع الشباب والصبية لإقامة مثل تلك الاحتفاليات الصدامية، التي قد تكون للتحرش بأنثى، كما قد تكون لقطع طريق سريع، جرت به حادثة مرورية أدت إلى قتل أحدهم، حيث يلعب الغضب والانتقام الجماعي لقتل جار أو زميل دوراً ثانوياً، فيما يجري من تحطيم سيارات مارة بالطريق، وحرق إطارات وما شابه، حيث نجد رد الفعل بالتخريب والتدمير، لا يتناسب إطلاقاً مع فعل حادثة مرور عرضية، كانت بمثابة تذكرة مرور لاحتفالية صدام تتوق النفوس للانخراط فيها.
نفس تلك الحالة نستطيع رصدها في احتفاليات الغوغاء بحرق الكنائس وممتلكات الأقباط، فالتحريض والشحن الديني للجماهير، والذي تمارسه عناصر الإخوان المسلمين ضد أبناء الوطن المسالمين المستضعفين، لا يعدو دوره في الأمر أكثر من دعوة للجماهير، للمشاركة في احتفالية صدامية تتوق لمثلها، أياً كانت الأسباب والدوافع، فما حدث أخيراً من تحريض لإمام مسجد ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين في منطقة عرب المطرية، واحتشدت الجماهير على أثره لمحاصرة كنيسة تحت التشييد بمن فيها، وكأنهم في حرب مقدسة ضد أعداء الوطن، لم يكن مثل هذا التحريض ليلقى صدى لدى ا لجماهير، لو لم يصادف في نفوسها هوى، لممارسة التدمير والصدام، إلى حد قيامها بمقاومة رجال الأمن، وإصابة البعض منهم، خاصة إذا عرفنا أن تاريخ المصري في مقاومة السلطات يكاد يكون خاوياً أو نادراً فيما سبق من عهود.
يزعم كاتب هذه السطور أيضاً، من واقع معايشته اليومية للناس في مواقع العمل، أن ما يسمى بعمل الفريق Team work يكاد يكون مستحيلاً في أحوال كثيرة، فإذا ما تم إسناد مهمة محددة لفرد واحد، فالأغلب أنه سيقوم بها على أكمل وجه يستطيعه، لكن إذا ما أسندت مهمة مشتركة لفردين، فإن هذا يتطلب أن تكون مستعداً لتلقي ما لابد وأن يهب عليك من عواصف شجارهما، وستجد عندها أن أي مشاكل متعلقة بالمهمة المسندة إليهما قد نحيت جانباً، لتستمع إلى اتهامات متبادلة بين الطرفين، عن إهانة كل منهما للآخر واستهتاره به، أو محاولة سلب أيهما لاختصاصات الآخر، أو محاولته إلقاء مسئولياته الخاصة على عاتق مقابله، تتعدد الأسباب المعلنة عندها للشجار، لكن الحقيقة المسكوت عنها، لكنها واضحة جلية في جميع الحالات، أن الجميع مبرمجين على الصدام، ووجدوا في المهمة موضوع الصدام، مجرد مناسبة لممارسة ما يسعون إليه مسلوبي الإرادة والوعي.
الإشكالية التي نزعمها إذن، هي شيوع ما يمكن تسميته بسيكولوجيا الصدام في المجتمع، وإذا كنا كما يقول بعض منتقدينا لا نقدم حلولاً لما نطرح من إشكاليات، فلا أقل من أن نتحرى أسباب شيوع تلك الحالة التي ندعيها، ففي تحري الأسباب أكثر من نصف الطريق نحو العلاج، وهذا ما سنحاول مقاربته في الجزء الثاني من هذا المقال
في بعض الحالات التاريخية يمكن أن نجد للعنصر المعنوي في موضوع الصدام دوراً يبدو أكثر جوهرية من الشق المادي، لتلعب الاعتبارات المادية دور المساند والمحفز للصدام الفكري والأيديولوجي، وهذا نراه في حروب النازية والفاشية، التي كان المحرض الرئيسي لها، فكرة الاستعلاء والسيادة العنصرية، كما نجده في تمدد الاتحاد السوفيتي السابق في أوروبا الشرقية، ومحاولاته التوغل فيما عرف بالعالم الثالث.
إذا نظرنا إلى حالة الصدام المزمنة في منطقة الشرق الأوسط، لابد وأن يلفت نظرنا عوامل موضوعية مادية، تتصدر كل ما جرى ويجري من صراعات. . فالصراع العربي الإسرائيلي صراع على الأرض والسيادة، رغم الرائحة النفاذة للشق المعنوي، المتمثل في العداء الديني لليهود، باعتبارهم أعداء دائمين لله، والذي يجعل من الوصول إلى توافق حول النواحي المادية، ضرباً من السعي لتحقيق المستحيل. . كذا صراعات صدام حسين، خلفها تنازع الأرض والسيادة مع إيران، ثم محاولة التهام الكويت بثروتها البترولية، رغم رايات حماية البوابة الشرقية للوطن العربي، وشعارات الوحدة الإجبارية بين الأمة العربية المناضلة. . داخل العراق والسودان والجزائر أيضاً، نجد الصراع بين القومية العربية المهيمنة على السلطة والثروة، وبين قوميات تسعى للبقاء على قيد الحياة، ويسعى في ذات الوقت أفرادها للحصول على نصيب أكثر عدالة من كعكة الوطن وثروته.
نستطيع أن نمضي على هذا النحو في كل صراعات المنطقة، لنجد دائماً أسباباً موضوعية، يتقدمها أو يساندها عناصر معنوية، أيديولوجية وعقائدية. . لكن إذا ذهبنا إلى مسافة أبعد تحت سطح تربة الشرق الأوسط، وبالتحديد فيما يحق لكاتب هذه السطور أن يدعي بعض العلم المعيشي به، وهو المجتمع المصري، لوجدنا أن هناك أمراً آخر غير ما سبق، له الدور الأكبر والأخطر في حالة الصراع الدائم التي تعيشها شعوب المنطقة، وهو الذي يرفد حالة الصراع على المستوى الأعلى، بوقود لا ينضب من الاحتقان، يضمن استدامة حالة الصراع تلك. . أو فلنقل أننا يمكن أن نكتشف القاعدة العريضة والصلبة، لنهج الصراع والصدام الدائم في المنطقة، سواء ذلك الذي يجري مع أطراف خارجية، أو ما يجري بين أبناء الوطن الواحد، بتعدد مكوناته وطوائفه، ما يتضاءل إلى جانبه دور أسباب الصراعات أو مواضيعها، بحيث يغدو من العبث محاولة إطفاء نيران تلك الصراعات، بالوصول إلى اتفاقات سلام وتسوية للأمور الموضوعية العالقة، وخير مثال لنا هنا، هو ما يعرف بالقضية الفلسطينية، التي كلما أشرفنا على تسوية سلمية لها، سارعت الأمور بالتدهور بضعة أميال إلى الخلف، كما لو أن هناك قوة شيطانية خرافية، تصر على دوام الصراع إلى الأبد.
ما نستطيع أن نلمسه بوضوح تحت السطح في الساحة المصرية (كمثال)، هو حالة متفشية بين الناس، بين الأفراد قبل الجماعات، يمكن توصيفها بسيكولوجية الصدام. . معظم الحوارات بين الأفراد تتحول بعد لحظات إلى شجار وصدام، بل ويبدو في الأغلب أن الأطرف تكون مبرمجة بالأساس وقبل بدء الحوار، على انتهاج التوجه الصدامي، حتى قبل اكتشاف نقاط اختلاف بين طرفي الحوار، حول القضية المفترض أنها موضوع الحوار.
عن العلاقات البسيطة اليومية بين الناس العاديين أتحدث، وليس عن الخلافات الكبرى، سواء بين الأفراد أو الجماعات أو الطوائف.
أزعم آملاً -أن أكون على خطأ- أن الحالة في المجتمع المصري، أشبه بتفشي وباء الصدام، الذي أصاب بالاحتقان عقول وأعصاب الجميع، لنسعى جميعاً إلى تعظيم ومفاقمة خلافاتنا، مهما كانت يسيرة الحل، وربما في بعض الحالات يبدو وكأننا نصطنع تلك الخلافات اصطناعاً. . كأننا قد تحولنا جميعاً إلى أعواد ثقاب، لا تلتقي إلا لتتناطح وتشتعل من بعضها البعض، ولا يعدو البحث عن أسباب موضوعية لتلك الملايين من الصدامات الصغيرة والكبير يومياً، إلا نوعاً من سذاجة المعالجة، وضحالة التقييم والتوصيف لما يحدث على أرض مصر المحروسة، ذلك أن الحجم الذي تشغله العناصر الموضوعية في مثل هذه الصدامات، يكاد يقترب من الصفر، إذا ما قورن بحجم تأثير حالة الاحتقان العقلي والعصبي لدى أطراف الصراع.
ظاهرة التحرشات الجنسية الجماعية، التي بدأت تشهدها ميادين وشوارع القاهرة، نعم يلعب فيها الكبت الجنسي دوراً، كما تلعب الثقافة التي تصور جسد المرأة على أنه عورة، والمرأة كلها على أنها مجرد كتلة جنسية، يسيل لها لعاب الذكر وتستنفر غرائزه بمجرد مرآها، لكن هذا كله لا يبدو كافياً لتبرير تلك الاحتفاليات الجماعية للتحرش الجنسي، ما لم ندرك ما هو أكثر جوهرية في الدفع لتك الحالات، وهو سيكولوجية الصدام، التي تدفع الشباب والصبية لإقامة مثل تلك الاحتفاليات الصدامية، التي قد تكون للتحرش بأنثى، كما قد تكون لقطع طريق سريع، جرت به حادثة مرورية أدت إلى قتل أحدهم، حيث يلعب الغضب والانتقام الجماعي لقتل جار أو زميل دوراً ثانوياً، فيما يجري من تحطيم سيارات مارة بالطريق، وحرق إطارات وما شابه، حيث نجد رد الفعل بالتخريب والتدمير، لا يتناسب إطلاقاً مع فعل حادثة مرور عرضية، كانت بمثابة تذكرة مرور لاحتفالية صدام تتوق النفوس للانخراط فيها.
نفس تلك الحالة نستطيع رصدها في احتفاليات الغوغاء بحرق الكنائس وممتلكات الأقباط، فالتحريض والشحن الديني للجماهير، والذي تمارسه عناصر الإخوان المسلمين ضد أبناء الوطن المسالمين المستضعفين، لا يعدو دوره في الأمر أكثر من دعوة للجماهير، للمشاركة في احتفالية صدامية تتوق لمثلها، أياً كانت الأسباب والدوافع، فما حدث أخيراً من تحريض لإمام مسجد ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين في منطقة عرب المطرية، واحتشدت الجماهير على أثره لمحاصرة كنيسة تحت التشييد بمن فيها، وكأنهم في حرب مقدسة ضد أعداء الوطن، لم يكن مثل هذا التحريض ليلقى صدى لدى ا لجماهير، لو لم يصادف في نفوسها هوى، لممارسة التدمير والصدام، إلى حد قيامها بمقاومة رجال الأمن، وإصابة البعض منهم، خاصة إذا عرفنا أن تاريخ المصري في مقاومة السلطات يكاد يكون خاوياً أو نادراً فيما سبق من عهود.
يزعم كاتب هذه السطور أيضاً، من واقع معايشته اليومية للناس في مواقع العمل، أن ما يسمى بعمل الفريق Team work يكاد يكون مستحيلاً في أحوال كثيرة، فإذا ما تم إسناد مهمة محددة لفرد واحد، فالأغلب أنه سيقوم بها على أكمل وجه يستطيعه، لكن إذا ما أسندت مهمة مشتركة لفردين، فإن هذا يتطلب أن تكون مستعداً لتلقي ما لابد وأن يهب عليك من عواصف شجارهما، وستجد عندها أن أي مشاكل متعلقة بالمهمة المسندة إليهما قد نحيت جانباً، لتستمع إلى اتهامات متبادلة بين الطرفين، عن إهانة كل منهما للآخر واستهتاره به، أو محاولة سلب أيهما لاختصاصات الآخر، أو محاولته إلقاء مسئولياته الخاصة على عاتق مقابله، تتعدد الأسباب المعلنة عندها للشجار، لكن الحقيقة المسكوت عنها، لكنها واضحة جلية في جميع الحالات، أن الجميع مبرمجين على الصدام، ووجدوا في المهمة موضوع الصدام، مجرد مناسبة لممارسة ما يسعون إليه مسلوبي الإرادة والوعي.
الإشكالية التي نزعمها إذن، هي شيوع ما يمكن تسميته بسيكولوجيا الصدام في المجتمع، وإذا كنا كما يقول بعض منتقدينا لا نقدم حلولاً لما نطرح من إشكاليات، فلا أقل من أن نتحرى أسباب شيوع تلك الحالة التي ندعيها، ففي تحري الأسباب أكثر من نصف الطريق نحو العلاج، وهذا ما سنحاول مقاربته في الجزء الثاني من هذا المقال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق