الثلاثاء، 8 ديسمبر 2009

لا فائده من العروبه بقلم الدكتور شريف حافظ


إن أفضل تعبير عن اتحاد العرب،

يمكن إيجاده فى شارع الهرم،

حيث ترقص راقصة ويصفق الجميع وينقطون عليها المال.

يمكن أيضاً، مشاهدة وحدة العرب فى لجان امتحان الجامعات الخاصة فى مصر،

حين يتحد مختلف الطلاب "العرب" على الغش فى الامتحانات! غير ذلك.. أشك كثيراً!!

وليست أحداث الخرطوم الخاصة باعتداء الغوغاء من الجزائريين على المصريين المدنيين العُزل، لوليدة اليوم!

والتاريخ ينبض بالغل والحقد والكراهية، من الكثير من العرب تجاه مصر، بل وبين بعضهم البعض!

لقد حارب العرب فيما بينهم حروباً، أكثر مما حاربوا إسرائيل.

ومات على أيديهم رعايا عرب أكثر مما قتلت إسرائيل!

فسوريا وحدها، قتلت ما يزيد عن الـ 70 ألف مواطن فلسطينى فى الحرب الأهلية اللبنانية.

وكان ذلك أولاً فى مخيم تل الزعتر الفلسطينى سنة 1976،

ثم فى حرب المخيمات فى لبنان ما بين 1983 و1987!

وعراق صدام قتل الكثيرين من العرب، وأكثر من المصريين، فى إطار سياساته المعادية لكل ما هو غير عراقى،

لخلق إمبراطورية صدامية وليست عراقية!وإهانة العمالة العربية،

على حساب الأجانب من الغربيين، فى الخليج العربى فى ظل نظام "الكفيل" كان الشاهد على تنامى كره مواطنى دول إرسال العمالة للخليج.

ومازلنا نتذكر حادث السعودية الشهير فى أواسط التسعينيات، عندما هُتك عرض طفل بمدرسة من مديرها،

وأطبق الصمت على الجانبين من الرسميين! ومازلنا نتذكر الهجمات المختلفة من الفلسطينيين أيضاً،

فى كل مناسبة، رغم أنهم أكثر من يجب أن يغلق فمه تماما، ولا يفه بكلمة حيال مصر وقد باعوا أرضهم لليهود فى فلسطين،

ثم كذبوا ذلك، ولكن تبقى مذكرات أول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد الشقيرى شاهدة على ذلك،

وما قام به أمين الحسينى وقتها من إصدار قرار تجريم بيع أى أراضى فلسطينية لليهود!!!

وقد ذكرت الفلسطينيين فى عرض ذكرى لكل التراهات العربية، لأنهم استغلوا الأزمة المصرية الجزائرية، ليسيئوا للمصريين فى الخارج بكلمات لا ترقى إلى مستوى المساعدات التى تلقوها من مصر على مدى تاريخهم والمستمرة حتى اليوم!

وقد كان الطالب الفلسطينى وقت عبد الناصر، على سبيل المثال لا الحصر، يحصل على دعم مادى فى الجامعة أكثر من ذاك الذى كان يحصل عليه المصرى،

وكان على رأس هؤلاء الطلاب الفلسطينيين ياسر عرفات.. ولكن، الغدر شيمة أصيلة فى التراث العربى! فكلما عانى العرب من مصيبة تجد مصر سباقة لحلها،

ولكن لا تجدهم عندما تعانى مصر، حتى أننا لم نسمع عن عربى واحد ذى حيثية، تكلم ليطمئن على المصريين الذين تعرضوا للاعتداء فى الخرطوم!

فطالما اعتدى عرب على عرب، حتى وإن وصل الأمر للقتل كما يحدث الآن من قبل السعودية فى اليمن، صمت العرب،

ولكنهم ينطقون فقط عندما تقتل إسرائيل العرب، وكأن لسان حالهم أن المعتدى عليه ليس ذا حيثية ولكن هوية المُغتدى!لقد استضافت الجزائر مؤتمر الصمود والتصدى العربى، فى عام 1979، لمقاطعة مصر بعد عقدها السلام مع إسرائيل! أى أن الجزائر حضت على مقاطعة مصر بعد الصلح وليس فقط لزيارة السادات للقدس!

أى أن الجزائر ومن معها، قاطعوا مصر عندما عرفوا أن مفاوضات مصر قد نجحت فى إرجاع الأرض المصرية المحتلة وليس لأن السادات فقط تفاوض مع إسرائيل! لقد انتظروا أن يفشل السادات، وفى تلك الحال، ما كانوا سيقطعون العلاقات، ولكن لحقدهم وغلهم من نجاح مصر فى الحصول على الأرض، ولغيظهم،

أنهم لم يدخلوا معنا تلك المفاوضات وقولهم بفشلها المسبق، أرادوا الانتقام، ولكنهم عادوا! ولكن، أليست تلك هى حال العرب دوماً؟؟؟؟

إنهم ينطقون عن عواطف وفى النهاية، "ينزلون على مافيش"!ولماذا قاطع العرب مصر؟ لأنها أقامت سلاماً مع إسرائيل؟ وهنا، نسأل: ماذا فعلوا ليغيروا الوضع الذى قاطعوا مصر من أجله، وماذا أضافت إليهم مقاطعة مصر؟ الإجابة: لا شىء!

والسؤال الأهم: ماذا يفعل العرب الآن؟ الإجابة: أغلبهم يهرول وراء إسرائيل لعقد السلام، بما فيهم "قلب العروبة النابض" قاتل الفلسطيين، المتمثل فى سوريا، وإن لم يعرولوا وراءها للسلام، "مثلوا" حالة الحرب معها، دون نتائج ذات أى جدوى لهم! ولنسأل أى شاب فى الشارع، حول ماهية العروبة اليوم،

فسيندهش من السؤال، لأن العروبة لا تعبر عن أى شىء ذى مدلول له، حنى أن السيد أحمد الشقيرى قد صدق،

عندما قال فى مذكراته، إن "جامعة الدول العربية ولدت كبيرة وعاشت صغيرة"! ولا أعتقد أن العروبة تعنى "سبوبة القومجية" التى يتلقونها فى سوريا أو تلك التى كانوا يذهبون فيها للقائد المخلوع والمعدوم، صدام حسين، حين كانوا يحصلون على العطايا من قبله، بدلاً عن أطفال العراق، فى برنامج النفط مقابل الغذاء، وكانوا "يمسحون جوخه"، ثم يرجعون ليتغنوا بأغنانيه، نظير ما حصلوا عليه من عطايا، لم يتغير شىء وقتها فى وضع العراق حتى سقط!!

!ما هى العروبة؟ هل تعبر عنها تخلى مصر عن رباطها الطبيعى مع السودان، ثم التوحد مع سوريا البعيدة، ثم رجوع المشير مطروداً من سوريا بالبيجاما؟ أم يُعبر عنها ما حدث فى حرب اليمن؟ أم يُعبر عنها هزيمة 1967 القاسية، والتى لم يسهب العرب فى تناولها الكامل بعد؟ أم يعبر عنها أزمة أيلول الأسود بين الفلسطينيين والأردنيين، ورغبة سوريا فى الدخول فى حرب مع الأردن وقتها؟ أم يعبر عنها الحرب الأهلية اللبنانية التى دخل فيها الجميع للنيل من بعضهم البعض داخل لبنان؟، أم يعبر عنها مقاطعة مصر من أجل لعب دورها، الذى كان أكبر من أحجام كل من قاطعها؟ أم يعبر عنها الغزو العراقى للكويت؟ أم يعبر عنها التراشق بين العرب فى كل حرب تمولها إيران؟ أم يُعبر عنها الرشاوى التى دُفعت مؤخراً لضرب المصريين فى السودان؟ أم يُعبر عنها الحروب الكثيرة التى شُنت ما بين الدول العربية بعضها البعض لأسباب أفضل وصف لها، بعيداً عن التجريح، أنها "تافهة"؟ما هى العروبة؟ وهل مصر عربية لأن لغتها الرسمية هى العربية؟ فإن كان هذا كذلك، فالنمسا يجب وأن تكون ألمانية، لأنها تتحدث الألمانية، والسنغال بل والجزائر فرنسيتان، لأنهما يتحدثان الفرنسية، وأمريكا بريطانية لأنها تتحدث الإنجليزية!! لقد استُعربت مصر وأتقنت العربية، أفضل من العرب، ويشهد التاريخ، ما قبل "الحركة المباركة" التى أطلق هذا المسمى عليها الضباط الأحرار، ثم زايد الإعلام عليهم ليسميها ثورة، أقول يشهد التاريخ، على أن مصر لم تكن عربية فى التواصل مع العرب، إلا بعد الثورة الفلسطينية سنة 1936، وحينها كانت تحافظ على مصالحها، ولكنها لم ترَ فى نفسها عروبة، إلا للمصالح السياسية! ولتتكلم مع الكثير من العرب وخاصةً هؤلاء القادمين من المغرب العربى، بالعربية، وستجد صعوبة فى الفهم، حتى أنك ستحبذ استخدام الإنجليزية للتفاهم. أما عن الصومال وجُزر القُمر، فحدث ولا حرج. وما زلت أتذكر عندما ألقى السيد سياد برى، رئيس الصومال الأخير، وقت أن كانت الصومال مستقرة، خطابه فى الجامعة العربية، بالإيطالية، وكان مثار سخرية! ثم عرضت إسرائيل فى سنة من السنين وكانت تهزى، انضمامها إلى جامعة الدول العربية، فرفض العرب، لأن الجامعة بالأساس ناطقة باللغة العربية!!!!لا يوجد فائدة من العروبة لأننا كدول، تداول تعريفها على أنها دول عربية، لا نستطيع التفاهم معاً، ولأننا نعاير بعضنا البعض، ولأننا نفرح لمصائب بعضنا البعض! نحن لسنا متحابين، بل يجمعنا الكره المتبادل، حنى أننا نتقبل أن يعتدى علينا "الكل"، فيما عدا العرب! ترى دولة تنهزم من ألمانيا أو فرنسا فى كرة القدم، بنتيجة خارقة، وتسكت وترى ذلك طبيعيا، وترى دولة حين تفوز، تضرب مواطنى الدولة الأخرى رغم اعترافهم بالهزيمة، لأن تلك رياضة، من المفترض أن تقرب بين الدول! إن العرب غاية فى المراهقة، ولا يملكون إلا المال والشهوات!لقد تصور بعض العرب، أنهم اشتروا كل شىء بالمال، وأصبح لديهم عنجهية الإذلال! لا! لقد ماتت العروبة وما أنتم إلا براميل للمال، سرعان ما سينتهى! فلننغلق على أنفسنا فى مصر ونبذل الرخيص والغالى لبلادنا، لأنها الباقية لنا.. فلنترك تلك التى تدعى "العروبة" والمستباحة للجميع، وننمى بلادنا، ولا مانع من العلاقات مع الدول العربية، على أساس المصالح بعيداً عن مقولات الشقيقة الكبرى! وكل إساءة مستقبلية لمصر يجب وأن يتم تناولها على أنها إساءة كبيرة! فلن تقوم مصر إلا بكون كرامة أبنائها وبناتها، فوق كل اعتبار!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق