هذه عينة من التهم التي راجت ،« إنهم يسيطرون علي الاقتصاد، وهم طابور خامس، وعملاء لإسرائيل » قبل عقود ضد اليهود المصريين، الذين ترجع جذورهم في هذا البلد لعهد النبي موسي، قبل أن يجبروا علي مغادرته. نفس هذه التهم تتردد الآن علي ألسنة الكثيرين، لكن بحق المسيحيين هذه المرة، وبدلاً من اتهامهم آأنهم سرقوا هذه الأموال. « سُبّة » بالعمالة لإسرائيل أصبحت التهمة موالاة أمريكا، وصار نجاحهم اقتصادياً بالطبع سيخرج علينا محترفو التبرير وتمييع القضايا مؤآدين وجود فرق هائل بين حالتي اليهود والأقباط، وما ينطبق علي ،« أهل آتاب » والحاصل أنني لا أجد فرقاً بينهما، حتي علي صعيد الفقه الإسلامي فكلاهما اليهود من أحكامٍ، يسري علي المسيحيين، فضلاً عن أن اليهودية في مصر سبقت المسيحية بقرون، وهذه مثلاً مصريةٌ حتي النخاع. « اليهود القرائين » حقيقة تاريخية لا تحتمل اللغو، ويعرف المتخصصون أن طائفة وهو يهودي مصري هاجر إلي ،« إيزاك » هذه العبارة البسيطة البليغة قالها ،« النهارده السبت وبكره الحد » فرنسا قبل عقود، متنبئاً بالمصير المحتمل لأقباط مصر، آان الرجل يتحدث بحنين جارف عن نشأته في وأيام الأعياد في المعبد اليهودي بالعباسية، ورحلاته مع زملاء الدراسة للفيوم والإسكندرية، ،« الظاهر » ورغم ذلك، فلم يزل هو وزوجته ،« سفرة بلا عودة » وأخيراً آيف وجد نفسه بين ليلة وضحاها مجبراً علي يتحدثان العامية المصرية في منزلهما، بل علما أبناءهما اللهجة، واصطحباهم في عدة زيارات لمصر. لكن، هل حقاً ينتظر هذا المصير البائس إخواننا الأقباط، والإجابة أنه ليس مستبعداً، خاصة في ظل التمدد السرطاني للأفكار السلفية بالمجتمع المصري، ورضوخ الدولة لابتزاز المتأسلمين، وشيوع مظاهر النفاق الإيراني، وتلك اللغة التحريضية، التي يتباري فيها بعض خطباء « الشادور » وهو « الإسدال » و « الزبيبة » مثل المساجد ودعاة الفضائيات في تسفيه معتقدات المسيحيين، ووصم الكتاب المقدس بالزيف، بل وصل أي أن المسيحيين ،« المكدس » مقالاً أسبوعياً، أن يصفه بالكتاب « الأهرام » الانحطاط برجل تنشر له يشتمون بأموالهم، فالأهرام علي حد علمي يمولها دافعو الضرائب. البداية آانت مع انقلاب ١٩٥٢ ، الذي سانده الإخوان، وبعده هاجر ملايين الأقباط من خيرة العقول إلي شتي أصقاع العالم، ونجحوا في آلمكان، ثم تصاعدت وتيرة هجرات الأقباط، ولعلي لا أذيع سراً حين أحذر من ،« قعدات المصاطب » و « الطبطبة » هجرة أموال الأقباط، فمثل هذا المناخ المتعصب لا يجدي التعامل معه بلغة بل ينبغي تفعيل المواطنة بإلغاء المادة الدستورية التي تنص علي أن دين الدولة هو الإسلام، فالدولة آيان اعتباري لا دين له، آما ينبغي أيضاً إزالة خانة الديانة من جميع المستندات الرسمية. هذا فضلاً عن البدء بتقليص عمليات الأسلمة الاجتماعية التي تجري علي قدم وساق، فما الداعي مثلاً لفتاوي بتحريم التدخين؟، أليس آافياً أن نشير إلي أضراره الصحية؟، ولمَ الإشارة إلي أن أنشطة اقتصادية آالتمويل العقاري مطابقة للشريعة؟، أليست هذه مزايدات لا ندري إلي أي آارثة تقودنا، وما سبب إفساح آل هذه المساحات للمتفيهقين وتجار الكراهية في الصحف الحكومية وتليفزيون الدولة، ولماذا نتورط في دعم ظواهر خطيرة آدعاة السلفية الوهابية، حتي بعد أن تخلت عنها دول المنشأ، وألا يشكل هذا مصفاة أولية لمتطرفين سيحملون السلاح في وجوهنا ذات يوم؟. أخيراً يبقي القول إن مجتمعاً لا يحتمل التنوع والاختلاف، هو مجتمعٌ مأزوم، ضاق ذرعاً بأبنائه اليهود، وها هو يضيق بالمسيحيين، وبعدها ستبدأ مرحلة جديدة يأآل فيها المسلمون بعضهم البعض، فهذا صوفي وأؤلئك علمانيون آفرة.. وهلم جرا، لنصبح في النهاية أشرار العالم، ما ،« رافضي » وذاك شيعي ،« قبوري » لم نكن قد أصبحنا بالفعل.
الاستاذ موريس صادق بين حرية التعبير والخيانه العظمى
قبل 13 عامًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق