الثلاثاء، 21 أكتوبر 2008

الاقباط غاضبون بقلم الاستاذ منير بشاى

لم أكن أتوقع أن مقالى السابق بعنوان ""لا مبرر للقتل العمد " "سوف يثير هذا القدر من رد الفعل الذى ظهر فى الكم الهائل من المعلقين وعدد الرسائل التى تلقيتها. وبالمثل صعقت لأن أرى أن معظم هؤلاء المعلقين كانوا غاضبين على المجتمع المصرى والنظام والقضاء الذى يظلم الأقباط. والبعض ظن أننى أدافع عن الذين يظلمون الأقباط فوجهوا غضبهم ناحيتى. وأظن أن بعض المعلقين لم يقرأوا مقالى وإنضموا إلى جوقة الثائرين دون أن يعلموا أننى فى صفهم وأقول نفس ما يقولون. لذلك أعود هنا لأوضح بعض النقاط التى أعتقد أنها غابت عن البعض.
وفى النهاية هذا هو مجرد رأيى وأنا لا أحجر على رأى أحد يختلف معى، كما لا أقبل أن يحجر أحد على. بل أرى أنها ظاهرة صحية عندما نتبادل الرأى والرأى الآخر بطريقة متحضرة وبدون تشنج لأن هذا يساعدنا على فهم الجوانب الغامضة من القضايا المطروحة فجميعنا بشر ولا يوجد من يستطيع أن يدعى أنه يملك الحق المطلق.
ولى بعض الملاحظات:
أولا: الأقباط غاضبون، غاضبون جد.....وعلى أولى الأمر أن يعرفوا ذلك جيدا وأن يسرعوا بالتدخل لرفع المعاناة عن الاقباط لتهدئة المشاعر ففى وسط هذا المناخ المملوء بالغضب لا يحتاج الأمر سوى شرارة ليحدث ما لا تحمد عقباه. نرجو الله أن يجنب مصرنا العزيزة كل سوء.
ثانيا: إننى أفهم جيدا أسباب الغضب وقد كتبت كثيرا عنها وهى متعددة الجوانب ومتراكمة على مدى السنين. ولكن ما يحدث أخيرا من ظلم للأقباط فى عدة قضايا فى ساحة القضاء،وخاصة الحكم بسنة مع وقف التنفيذ على مسلم قتل قبطيا وآخرها الحكم بسجن كاهن. كان هذا كالقشة التى قصمت ظهر البعير،وملأ كأس الغضب ربما أكثر من أى وقت مضى.
ثالثا: بالنسبة للشاب رامى الذى قتل زوج أخته وجرح الأخت وطفلها. لقد قلت فى مقالى اسابق وأكرر هنا أننى أفهم جيدا مشاعر الإستفزاز التى تعرض لها والعار الذى أحس به والتى دفعته لإرتكاب الجريمة. وأتمنى أن القضاء المصرى يكون عادلا معه ويراعى هذه الظروف فى تناوله للقضية. وشخصيا كأب احس بماساة هذا الشاب الذى اقدم على هذا العمل فى لحظة غضب والنتيجة أنه لم يعيد أخته بل ربما أضاع حياته. أنا لا أدينه لأنه ليس لى هذا السلطان بل أشعر أنه فى إحتياج أن نذكره فى صلواتنا ليكون ألله معه فى هذه الأزمة. ولكن أرجوكم أن تتوقفوا عن وصف ما عمله بالبطولى فإن ما لا نحتاجه أن يقوم اخرون بتكرار هذه المأساة.
رابعا: أنا مع كل المطالبين بالقيام بالدفاع القانونى عن رامى وتجنيد طاقم من المحامين الأكفاء ليقفوا معه فى محنته وأنا شخصيا والجمعية التى عندنا على استعداد للمساهمة فى هذا الجهد.
خامسا: الذين يعرفوننى جيدا ويقرأون ما أكتب يعرفون أننى لم أكن يوما متخاذلا أو مؤيدا للتخاذل أو من الذين يفسرون الدين على أنه المسكنة وقبول الظلم. ومن يريد أن يتأكد من ذلك ليقرأ كتابى "كيف نواجه الإضطهاد" بل والمقالات العديدة التى كتبتها على مدى ثلاثة عقود. ولكننى فى المقابل أرفض أن تفسر المسيحية على أنها ديانة عنف وقتل لأن هذه من الثوابت فى العقيدة التى لا تقبل التأويل. ولا أستبعد أن يكون هناك مندسيين فى وسطنا لهم اهدافهم الخاصة ويتخفون وراء أسماء مستعارة ويطلقون تعليقاتهم التحريضية ثم يقفوا يتفرجوا فى زهو بعد أن يشعلوها نارا.
سادسا: أعود فأكرر أنه من منطلق مسيحى فإن مبدأ القتل العمد مرفوض لأنه لا يتمشى مع تعاليم المسيح. وأعتقد أن ما يربطنا كطائفة هو أننا مسيحيون اولا وهذا هو السبب الذى من أجله نضطهد. فكيف نضحى بإيماننا المسيحى من أجل الدفاع عن قضيتنا بينما قضيتنا أساسها هو الإيمان؟ كان من الاسهل أن نترك إيماننا كما يفعل البعض وبذللك سوف لا نعانى من الإضطهاد.
سابعا: أتمنى كأقباط أن نوجه مشاعر الغضب التوجيه الصحيح البناء الذى يحقق العدالة وفى نفس الوقت لا يدمر ولا يخرب. فالخراب لا يخدم أحدا ولن يحل قضيتنا.
إن مصر ليست فى حاجة إلى المزيد من الدمار يكفيها ما هى فيه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق